قد يلعب الإنسان النرد مع صديقه للتسلية ولتمضية الوقت، ولكنه قد يغافل صديقه هذا فيغالطه في أثناء اللعب لأجل أن يكسبه. وقد يجلس الإنسان في المقهى فيرى غادة حسناء فيوسوس له الشيطان أن يتبعها، فيحول الضمير دون ذلك وينسى كل شيء عنها، ولكنه بعد قليل قد يجد نفسه سائراً في نفس الطريق وقد يلحق بها.
وقد يدخل الإنسان في بيت ما فيجد سلعة جميلة صغيرة فيود لو تكون له ثم ينسى أيضاً كل شيء عنها. ولكنه بعد خروجه من البيت يضع يده في جيبه ولدهشته ودهشة العالم معه قد يجد هذه السلعة فيه.
فالفكرة الذاتية اللاشعورية عن وجوب الكسب هي التي جعلته يغافل صديقه برغم وجود فكرة شعورية عنده عن وجوب اللعب لمجرد التسلية وبدون اهتمام للنتيجة. والفكرة اللاشعورية الخاصة باتبعاع الفتاة هي التي قادته للسير في هذا الطريق رغم احتجاج الضمير واستنكاره. والفكرة اللاشعورية الخاصة بامتلاك تلك السلعة هي التي دفعته إلى أخذها. وهكذا يبدوا أنه إذاكان اللاشعور ليس عليه إلا أن يرغب فان الشعور عليه أن ينفذ هذه الرغبة. وهذه هي القاعدة في الإنسان. ولكن كيف يتسنى لهذا الشيطان أن يملي رغبته على الشعور وكيف يتسنى للشعور أن ينفذ هذه الرغبة مع وجود الضمير القوي والعقل المميز الموزون؟
انه يلجأ في هذا السبيل إلى الحزن والتنغيص على الشعور فيضطره إلى تنفيذ ما يريد. والحزن سببه عدم التمكن من تنفيذ الرغبة أو تخيل عدم إمكان تنفيذها، والحزن يختلف من مجرد شعور بعدم السرور إلى انقباض مستمر، وفي نهايته العظمى يكون الحزن المرضي المسمى بالسوداء ففي مثلنا الأول يجلس الإنسان للعب وعنده رغبتان كما قدمنا ويبتدئ في تنفيذ الرغبة الشعورية أي اللعب لمجرد التسلية وعدم الاهتمام للنتيجة حتى إذا ما خانه الحظ وعرف أنه سيخسر الدور فان الرغبة اللاشعورية - حب الكسب - تجد نفسها على وشك عدم التنفيذ فيبتدئ مرح اللاعب يقل شيئاً فشيئاً، ثم يبتدئ أن يكون لعبه آليا أي