للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة الشعر]

ميلاد شاعر

للأستاذ عبد القادر رشيد الناصري

أترعت يا دنيا كؤوس شقائي ... وتركتني ثملا بغير طلاء

وخدعتني بالأمنيات بوارقاً ... وقذفت بي في غمرة الأهواء

دلهتني فإذا الضلال مطية ... لشقاوتي والرجس من سجرائي

ما ضر لو ألهمتني سبل الهدى ... أو لم تبثي السم في أجوائي

أنا يا شقائي دفقة من أدمع ... تروي صدى وترى وتحبي نائي

عمر يدب بد السلال. . . كآهة ... حيرى تطوف بخاطر الظلماء

صحراء عمري لم أجد في ساحها ... ظلا يقيني لفحة الرمضاء

أنا في مهالكها سراب شارد ... كم ظنه الظامي اصظفاق الماء

سأظل مثل الشوك يحلم بالندى ... حتى يموت بغصه الانداء

لا تسخري مني فتلك مقادر ... رعناء مثل خلائق الأحياء

عشقوك يا دينا فلا تتبرجي ... فعيونهم عشيت من الأضواء

جاؤوك أنضاء فلا تتلكئي ... واسعي لهم كالحية الرقطاء

جاؤوك فانتخبي لكل سمه ... فلأنت أعلم منهم بالداء

ساويهم إن فرقتهم سنة ... وأسقى السعيد بأكؤس التعساء

لا تحسبيني منهم، أنا شاعر ... فردوس أحلامي رحاب سمائي

التائهون كتيبة ما حكمت ... إلا سعار الشهوة الخرساء

كم طوحتهم في المهالك لذة ... عمياء فانطرحوا من الإعياء

أغفوا وكف الموت يقظي لا تني ... تطويهم في نشوة الإغفاء

خذ حكمة الأيام من سفهائها ... والعبرة المثلى من الجهلاء

لا تخدعنك بهارج أعمارها ... كالموج لا يحيا لغير فناء

يا يوم ميلادي أذكراك الحيا ... أم أنت نار سعرت بدمائي

ما أنت في التاريخ؟ موكب أدمع ... أم غصة الظلماء بالأضواء

<<  <  ج:
ص:  >  >>