للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مرحباً بالتقسيم! مرحى للصهيونية

للأستاذ أحمد رمزي بك

جاء وعد بلفور ونحن في غفلة من الزمن، وجاء وعد التقسيم والعالم العربي يتحرك ويتذمر، مر الأول ولم يشعر به أحد منا، وجاء الثاني فإذا نحن في يوم مظلم للصهيونية وساعة قائمة عليها، فبراءة من العهود والمواثيق والمعاهدات، وأذان إلى الأمم العربية أن تقاتل في سبيل الأرض المقدسة، فمرحباً بالتقسيم ومرحى للصهيونية!

أن يوم التقسيم يوم أسود عليها، إنه يوم الفصل، إذ فيه يبدأ الكفاح الحقيقي للعرب في سبيل كيانهم ووحدتهم وتحقيق آمالهم في نظام هذا العالم الجديد.

ولا يغرنكم أيها العرب ما ترون من فتور فإني واثق من أن سعة أعشار الإنسانية معنا وفي صفنا، وأن الداء الذي نشكو منه ونئن، يشكو ويئن منه ملايين من الخلق مثلنا وهم ليسوا بعرب ولا مسلمين ولكنهم إما ذاقوا من اليهودية العالمية ما جعلهم أعداء ألداء لها، وإما أنهم في وضع سياسي واقتصادي واجتماعي لا يختلف عن الوضع الذي نشكو منه في كثير أو قليل.

فهم جميعاً لهذا السبب أو لغيره من الأسباب حلفاء لنا. ولقد جاء التقسيم فكان خير دعاية لنا، وجاء كفاح العرب ووقفتهم إزاءه لكي يشعر كل طرف من أطراف الإنسانية الواعية الراشدة أن هناك ظلماً يحيق بالعرب وأن هناك كفاحاً وقتالاً في سبيل الحق فمرحباً بالتقسيم مرة أخرى!

وهناك أكثر من ذلك، لقد أمضى أسلافنا وقتاً طويلاً وهم في حالة ركود وإغماء عقلي لا يشعرون بما كان يحالك حولهم، بل كانوا ينظرون إلى العالم الخارجي نظرة الرجل المطمئن إلى غده الواثق من جاره وصديقه، القانع بالتسليم والرضى، لقد جاء التقسيم فأعلمنا أن هناك قوات تهيم في الأرض، أكثر تلاعباً بالألفاظ منا، فأصبح حتماً علينا تطليق النظريات الأولى والفلسفات الشرقية والجمود والخضوع، والهدوء والرضا. أصبح حتماً علينا مواجهة العالم بنظرة جادة وقوة متوثبة، وعقل جديد، وهذا من فضل التقسيم علينا إذ أعلمنا أن أي تراخ أو نكوص أو تراجع، هو جناية منا في حق أنفسنا، لأن الأجيال القادمة ستحاسبنا على أي خطأ حساباً عسيراً، فالويل لنا إذا لم نقف أمام التقسيم

<<  <  ج:
ص:  >  >>