للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

من المحالات العقلية، مثل وجود قدرة عالية تدبر الكون والكونيات، ووجود روح في جسم الإنسان مستقلة عنه تخلد بعد انحلاله، ومثل بعثة أرواح عالية للأمم في فترات من الدهر سموهم الناس بالرسل ليهدوهم إلى الخيور، ويزغوهم عن الشرور، ويمهدون لهم سبيل الارتقاء.

هذه البحوث لم تجتز عتبات الجامعات وتأخذ مكانها في مصاف العلوم، إلا لأنها قد جاوزت دور الفحص العلمي، وأصبحت حقائق لا يمكن التماري فيها.

فالسد الوحيد الذي أراه يقاوم تيار الإلحاد المندفع الذي يكتسح أمامه الأمم والشعوب ويلقي بها إلى مكان سحيق من الفوضى والفساد الخلقي والتناحر، هو أن يتضلع علماء الدين من هذا العلم الجديد، ويستخدموه لحل شبهات المشتبهين، وكبح جماح المستهترين. وما المانع له من ذلك وهو يزيد في دعوتهم تأثيراً ويلقي على حججهم نوراً، ويقدع من معاطس المتفلسفة الذين يتخيلون أنهم وحدهم الذين خلصوا من أوهام العقائد، وكل من عداهم يرسف في أغلالها ويتعثر في أذيالها، ويحمل عقله تصديق خيالات لا وجود لها.

هذا الموقف وحده يحفز المدافعين عن العقائد أن يحذقوه لكم أفواه المتحذلقين من الماديين. فما ظنك والضرورة أصبحت تقتضيه.

نعم تقتضيه لأن انتشار التعميم في الأمة الإسلامية تتسرب معه كثير من الشبهات القوية على وجود الروح والملأ الأعلى، وهذه الأمور كلها أحاطها الماديون بشبهات لا يقوى على محقها إلا هذا النور الجديد، الذي أشرق من صوب المباحث النفسية. فإذا أهملوا الاستفادة منهم اضطروا للاقتصار في دفاعهم عن الدين على استعمال الأسلحة القديمة وقد أصبحت لا تغنى حيالها شيئاً فيكونون قد رضوا لأنفسهم في هذا الصراع العنيف بين الإسلام والإلحاد بهزيمة ساحقة.

محمد فريد وجدي

<<  <  ج:
ص:  >  >>