لأول وهلة بدا لي أن أنسحب بعد مقال الأستاذ (أحمد أمين) المنشور في (عدد الرسالة ١٢١)، ولا أدخل في هذا الموضوع من جديد، لأنه قرر أخيراً:(أنه سوف لا يرد على من يتخذ بعض ما جاء في مقالته وسيلة الأثارة النزاع من جديد إلا أن يفتح صاحبها مجالا للكلام في مشروع المؤتمر أو وسائل الوفاق) فخشيت أن أكون عند الناس أو عند نفسي (وهي لا تحب لي الرذيلة) ممن يتحبّب النزاع أو يسعى لتعكير صفو الأخوة التي ظهرت بشائرها في العالم الإسلامي، ولهذا - أو لشيء آخر لا أدري - وُضع هذا التقرير الصريح
ومن جهة أخرى، تخوّفت أن يكون حديثي هذا من (لغو الصيف) وإن كنا نستقبل الشتاء، فلا أجاب عليه بعد ذلك التقرير؛ وليست فكرة المؤتمر - وبالأصح حلم المؤتمر - تلك الفكرة الناضجة والحلم الصادق فيما أعتقد (وسأعود إليها)، حتى أستنزل بعلاجها طرف الأستاذ لميدان هذا الموضوع
كل ذلك دار في خلدي، وأكثر من ذلك صرفني عن كل هذا الحديث، حتى يمضي عليّ هذا الزمان، وأخيراً أتراجع إلى طوية نفسي فأجدها جد مؤمنة بوجوب السعي لتحقيق فكرة الاتفاق، وتوحيد كلمة المسلمين، مهما اختلفت وجهة النظر مع الأستاذ أو مع غيره، وهنا فليقرر الأستاذ ما يشاء؛ وليقل الناس ما يحبون!
ولعل الرسالة تفتح صدرها الرحب لكاتب يقف للفرص يتتبعها، لإزالة ما قد يسيء للاتفاق بين الطائفتين، ويشهد حديث كتابها أو غيرهم عن كثب، حتى لا يتكلموا عن الشيعة كأمة غائبة في مجاهل المفاوز، لا سمع لها ولا لسان، في حين أن رجال الشيعة تتبع الأحاديث عنها في الصحف والكتب بكل إصغاء، وقد لا تشاء الرد والجواب، كما وقع في العام الماضي في الرسالة بين الأستاذين، عبد الوهاب عزام، وأمين الخولي، في قضية مكة ومشهد الحسين
وكم يضحكني ما يكتب عن الشيعة كأنها من الأمم الخوالي (ولتعرف من الآن أنا لا نفهم من كلمة الشيعة إذا أطلقت غير الأمامية)، فتنسب لها عقائد وآراء لا نعرفها، وكثير من رجالها صامتون كأن الحديث مع غيرهم، ثم يحرقون الأرم من غير طائل، وليس من