للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب]

أنات غريب

تأليف الأستاذ حبيب الزحلاوي

يجمع صديقنا الأستاذ حبيب الزحلاوي بين موهبتين، موهبة النقد، وموهبة القصة، والأولى عنده أقوى وأعنف، ولهذا نجده في قصصه كثيراً ما ينسى أشخاصه ويقف هو ليتكلم فينصح ويرشد، ويوجه اللوم والنقد، ويصف ويمعن في الوصف ويستخلص لك العبرة والحكمة، وهو في هذا أشبه بالأستاذ ميخائيل نعيمة، وكل منهما ناقد، وكل منهما قاص. . . .

وهذا اللون من القصص لا يقف بالقارئ عند طرافة الحكاية والسرد القصصي ولكنه يقدم له زاداً موفوراً من المعلومات التاريخية، والتجارب الخاصة، والأوصاف التي تتعلق بالطبائع الإنسانية ومظاهر الحياة، والنقد للأوضاع السائدة بين الناس، فإذا ما تناول القارئ قصة من هذا اللون فإنه يخرج منها وهو يفكر فيما تضمنته من هذا أكثر مما يفكر في طرافتها القصصية ورشاقتها في السرد والحكاية. . . .

وهذه المجموعة (أنات غريب) للأستاذ الفاضل تشتمل على ثماني قصص، وكلها أو أكثرها من هذا اللون الزاخر بالذكرى والمعرفة، فقصة (الدميم) إنما هي درس في القصة، وقصة (ذكريات) إنما هي صفحة من تاريخ الثورة السورية وتصوير لذلك النضال المر الذي قام به شباب سورية لتحرير بلادهم من الاستعمار الفرنسي. وهكذا نجده في قصصه يصعد بك إلى مرافئ لبنان وينحدر معك إلى ربوع مصر، ويطوح بك في مطارح الغربة بأمريكا فيعطيك في هذا كله صوراً دقيقة محشوة بالأوصاف والمناظر والسمات، وهو يمزج هذا كله بمواضع الألم في قلبه، ومن هنا كانت قصصه (أنات) صادقة، ولكن صديقنا الزحلاوي يبدو في هذه الناحية قاسياً كل القسوة على قرائه، ففي كل قصة من قصصه فجيعة تحطم القلب وتهز الكيان. . . وجماع القول في هذه المجموعة القصصية أنها ليست من القصص الذي يقرأ بالتسلية وقتل الوقت، ولكنها تقرأ فتترك أثرها في نفس القارئ، وتبقى فيعود إليها مرة. . . ومرات. . .

٢ - روح وجسد

<<  <  ج:
ص:  >  >>