إن الزائر الغريب لمدرسة إنجليزية حديثه لأول مرة يلاحظ على الأطفال شيئين:
أولا: النشاط والاستعداد للعمل
ثانيا: السعادة
فالتلاميذ مملوءون نشاطا، وحياتهم كلها بهجة وهناءة؛ وجوه ضاحكة مستبشرة، تملأ المدرسة بشرا وسرورا؛ والجو المدرسي كله حياة ويقظة وانتباه، وحب للعمل واستعداد لأداء الواجب، يتمثل فيه روح الوفاء والإخلاص والعناية والدقة في العمل، والتعاون بين النظار والمدرسين والتلاميذ. هناك لا تجد تلاميذ يتظاهرون بالعمل وهم لا يعلمون، أو يصغون وهم يتثاءبون، لا ترى من يحل مسائل حسابية بطريقة آلية من غير ما تفكير، أو من ينقل قطعا إنشائية، أو كلمات إملائية لا يدرك لها معنى
هناك ينشغل الطفل بعقله ويده؛ فلا يكتفي بتعلم النظريات، بل يشتغل أيضا بكثير من الأعمال اليدوية، ويعطي مقدارا من الحرية في العمل، يعمل على حساب قواه العقلية، وله رأي خاص به. هناك يعتمد الطفل على نفسه في كل عمل مع الاستعانة بمدرسه وإرشاداته عند الحاجة. قد يحل المسألة خطأ، ولكن المهم أنه حاول أن يعمل، وعمل برغبة، وتركت له الفرصة في التفكير، وفي رسم الخطط وتدبير الوسائل
ولقد حدث، في إحدى المدارس الحديثة للبنات أن معلمة من المعلمات اضطرت إلى الذهاب إلى المستشفى يوما ما، فرأت رصيفة لها أن الواجب يقضي بمصاحبتها؛ وكانت ناظرة المدرسة على فراش المرض، ولسوء الحظ قد حدث لرابعتهن وهي في طريقها إلى المدرسة ما أوجب تأخرها نصف ساعة عن الميعاد؛ وعلى هذا بقيت المدرسة ولا ناظرة فيها ولا مدرسة. فلما دخلت الأخيرة المدرسة وجدت كل البنات في أمكنهن، يعلمن بنظام، فلقد نظر بعضهن في جدول أوقات الدروس، واخترن من التلميذات من يستطعن التعليم في