السنين الأولى من المدرسة، وأخذت البقية تعمل بنفسها. فكان كل فصل يسير في عمله بنشاط كالعادة، ولم يحدث من إحداهن ونية أو تقصير في العمل، وكان النظام مستتبا. فمثل هذه الحادثة تبرهن على أن روح المدرسة الحديثة هي: روح التعاون، والاعتماد على النفس، وحب العمل، والفخر بالمدرسة، والإخلاص لها؛ وهذه الروح وتلك المبادئ وحدها تكفل نجاح أي مدرسة من المدارس، وتغني عن استعمال الثواب والعقاب، والمنافسة في المدرسة
فالتلاميذ بالمدرسة الإنجليزية مغتبطون بمدرستهم، يستنفذون جهدهم، ويبذلون كل ما في وسعهم في سبيل تقدمها. محال أن يتمنوا الرفعة على أكتاف غيرهم، يعمل الكل لمصلحة الكل وينسى نفسه. ومن أظهر مقدرة ومهارة في أمر ما فمكافأته أن يسمح له بمعاونة غيره من الضعفاء أحيانا
مثل من المدارس الريفية التي الابتدائية بإنجلترا
من المدارس التي رأيتها مدرسة ريفية ابتدائية داخلية تقبل التلاميذ بعد الانتهاء من قسم الأطفال. فيها يستيقظ التلاميذ مبكرين، فيرتب كل منهم سريره، وينظفون معا حجر النوم.
وبعد ارتداء الملابس يقوم بعضهم بمساعدة الطاهية في إعداد الطعام، أو في إعداد المائدة وتنظيمها. وبعد تناول طعام الإفطار يساعدون في تنظيف الآنية وتنشيفها
ومدة الدراسة النظرية في الصباح أربع ساعات. وبعد الظهر يشتغل التلاميذ بالزراعة في حديقة المدرسة، أو بالنجارة في حجرة النجارة التي يقوم بالتعليم فيها أحد النجارين وفي هذه المدرسة تظهر روح التعاون بأجلى معانيها: فمن التلاميذ من يقوم بإصلاح ما يحدث في بناء المدرسة من خلل، ومنهم من يكوى الملابس، ومنهم من يخيط ما تحتاج إليه من رتق، وهكذا
وتتصل بالمدرسة حديقة كبيرة، تبلغ مساحتها ثلاثة أفدنة، بها قسم لتربية الطيور والحيوانات الداجنة، ويتولى بعض التلاميذ إطعامها والعناية بها. ويقوم التلاميذ أنفسهم بزرع ما أمكن من أنواع الخضر والفواكه والأزهار في تلك الحديقة، وبهذه الوسيلة تستطيع المدرسة أن تستغني عن شراء كثير من المواد الغذائية وغيرها. وتجمع بين التعليم النظري والعملي أو الصناعي فتفتح كثيرا من السبل أمام كل تلميذ حتى تنتفع