أمثال هذه الآيات المسرحية العالمية لها أكثر من جانب يصل بينها وبين البقاء الطويل؛ منها أنها تقدم للشباب الذين يعالجون هذا اللون من الإنتاج نماذج ناضجة تأخذ بأيديهم وتسدد خطاهم، وتجد فيها الطبقة المثقفة التي تقرأ للمتعة الذهنية الراقية أروع ما يتيح لها هذه المتعة الفكرية والوجدانية، ويجد القارئ العادي في أسلوب - الدكتور - السهل الممتع ما يرضي حاجته؛ ويثقف ذهنه، ويشيع وجدانه؛ ويجد فيها الشاب من الأساليب الفكرية ما يغذي نزعته المنطقية؛ وفي عمق فلسفتها ما يرشده في حيرته النفسية وفي فنها ما ينضح خياله؛ ويخصب وجدانه ويتكفل بإشباع نوازعه وما يحول بينه وبين ما يفسد عقله ويشوب عواطفه من هذا الذي يعرض بين يديه ولا يجد من يعصمه من شره؛ وتدفعني قوة تأثير هذه القصص؛ وحيويتها إلى الاعتقاد أن هذه الآثار ليست أوضح فكرة؛ ولا أدق تحيلا في لغتها منها في هذا التخليص والتحليل؛ وعمل الدكتور في هذا التحليل والتخليص قد ألقى الأضواء على جو القصة؛ وقربها إلى الأذواق والإفهام. فقد تعمق هذه المسرحيات؛ ونفذ إلى صميمها؛ ووقف على أهدافها ومراحيها الفكرية والوجدانية والاجتماعية؛ وأعطانا صورة دقيقة للأفكار والمذاهب والمشاكل النفسية التي عالجها - المؤلف - مع تقاضيه عن تلك الألوان المحلية التي ليس لها خطر في صميم العمل الأدبي، وهنا أيضاً تتجلى مقدرة - الدكتور - حيث استطاع أن يبرر لك أدق الخطوط؛ ويصور لك أعمق الخوالج النفسية في عفوية حية مؤثرة. فقد يعمد المترجم إلى أروع الآيات في لغتها فإذا حاول أن يترجمها شوه جمالها وجنى على روعتها على روعتها؛ فلا بد للمترجم من الفقه الواضح؛ والقدرة الفائقة في إبراز ما يحاول المؤلف إبرازه. ولا شك أن التخليص أشق وأعسر من الترجمة؛ لأنه يعرض عليك أفكار المؤلف وصورة والأمانة في تقديمها كما أرادها صاحبها أن تخرج للحياة؛ والإيجاز بالتخلي عن بعض ما يسوقه المؤلف مما لا خطر له على معارف القصة، وقد كان لهذا اللون أثره في مرحلة المراهقة التي من أهم سماتها أزمات نفسية عنيفة. وقلق فكري ووجداني مضى وظهور الميل القوي نحو القراءة والإطلاع ولا سيما كتب الأدب