للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٢ - وحدة الوجود]

للبروفيسور ج. أ. بودن

بقلم الأستاذ عثمان حلمي

إن وجود الخالق الذي كون العالم من أرواح أثيرية والذي رعى ودعم العالم، لا يمكن أن يثبته وجود العالم نفسه، بينما يظن (نيوتون) في موافقة للتقاليد أنه لما كان للعالم بداية فإن النظام الكوني كان أزلياً منذ أن ضمن وجود الله إعادة تجديده المستمر. ويرى نيوتون أن في شتى أجزاء الفضاء إلهاً يشكل خلقه في المادة وكذا في قوانين الطبيعة، ومن الجلي أن الطبيعة في نظر (نيوتن) ليست محض كتل ميتة عمياء تصطدم على غير هدى وتتجمع أو تنفصل في الفضاء، ولكن العالم تتخلله روح خالق يدين له العالم بوجوده كما يدين بتدعيمه وحفظه لهذه الحقيقة، وهذا يجعل الدنيا قابلة للفهم كما يجعلها جميلة مقبولة

يسخر ليبنتز من فكرة أن الله غير قادر على أن يخلق آلة ميكانيكية فوراً تسير بنفسها، ولكنها في حاجة إلى عامل معها لحفظها، إلا أن (ليبنتز) لم يقدر حساب اتجاه الانحدار في المادة (انحلال الحركة)

ففي عالم (ليبنتز) لا يوجد فقد عارض، غير أن فهم (ليبنتز) في إعادة التناسق في الذرات الهيولية التي تدور كالساعة منذ الأزل لم يبرهن عليه بنتيجة يرتاح إليها العلم الحديث

وأبعد من هذا فإن لابلاس قد تناول علم نظام الكون في مبادئ نيوتون (بفرض عدم وجود الله) ولكنه لم يعمل حساب قوة قابلية المادة للتحول

ويرى كلارك ماكسويل ثاني أعظم مهندسي العلم الحديث وجهة قابلية المادة للتحول فيخال أن (روح العالم بكل شيء) الذي يقدر أن يتصرف بدقائق أجزاء الطبيعة قد يعكس تدرج الانحدار المادي باختبار عاقل مدرك، غير أن (روح العالم بكل شئ) اصطناعية بجانب إله نيوتن. ومما لا ريب فيه أن نيوتون رغب في أن يعرف الله وإن يكشف عن جوهره بينما ارتضى علماء اليوم أن يقروا بجهلهم، فهو مثلاً كان متأثراً بحقيقة أنه في أي توزيع لكم من المادة عدد لا حصر له من الأنظمة والقوانين، وأنه يجب أن يكون هنالك اتجاه إلى نظم أُخرى خارجة عنها حتى يمكن أن يظل استمرار تناسق الأشياء وتوازنها الذي لا يمكن أن يدوم بغير قوة إلهية لحفظه، وجدير بعلماء هذا العصر أن يلاحظوا، ما

<<  <  ج:
ص:  >  >>