هو يجزم أن هذه الدنيا سائرة لا محالة إلى نهاية بعد قليل من بليونات السنين من يومه، والذي نسيه هو أن مسألة النهاية محددة بمسألة البداية، وعالم حقيقي كنيوتون يهمه أن يقف على حقيقة كل ذلك
لقد كان نيوتون عالماً عظيماً بما وراء الطبيعة بفضل سلامة بصيرته وصحة وجدانه، فضلاً عن تخصصه الفني، وإن درايته بما وراء الطبيعة لتزيد كثيراً على ما تطلبه حاجة علمه
(إنك لا تستطيع أن تفصل الله عن العالم الذي فحصه العلم ثم تستطيع بعد ذلك أن تزعم أنك قد اقتنعت بهذا العلم)
هذه النظرة من فلسفة نيوتون قد أهملت طويلاً، وقد قال لنا علماؤنا السفسطائيون إن (كانت) قد دحض فلسفة نيوتون بتدليله على أن الفضاء والزمن وهميان - أي في العقل - وإنه بناء على ذلك لا يمكن أن يقال إنهما بميزان العالم الحقيقي إلا أن كل ما أورده (كانت) لم يكن إلا إظهار منطق نيوتون بصورة (إقليديسية) متخصص بعلم الفضاء، وأن النظام الزمني لم يكن ليستمد إلا من عقولنا، إن (كانت) لم يدحض نظرية الفضاء التجريبي الذي بني عليه علم نيوتون حقيقة وهذه لم يمكن دحضها بحجج سابقة، وفضلا عن ذلك فإن إيمان نيوتون بدقة هذا النظام المحكم المتزن في الطبيعة سيبقى حجة تتحدى العقل الإنساني، وإننا لا يمكننا أن نهمل سبق هذا النظام ولكن يجدر بنا أن نجهد أنفسنا لكي نكشفه كلما وجدنا إلى ذلك سبيلا
إن إصرار نيوتون على فكرة ضرورة وجود مبدأ ميكانيكي سام في الطبيعة سيبقى كذلك، ولقد قال بعض ذوي الكفايات العلمية المحدودة من متأخري اللاأدريين أن (كانت) قد حطم أساس البراهين التي أقيمت على وجود الله، غير أن (كانت) لم يحطم في الواقع إلا البراهين السابقة التي بنيت على الأوهام وشرود الذهن الذي لا حد له
إن رأي نيوتون في الله كواسع ودائم وموجود في كل مكان كان رأياً علمياً غير ثابت عند الطبيعيين كما أنه لم يكن ليستطاع جعله مثاراً للجدل
إنه ليوجد سبيل واحد نستطيع به فهم الكون كدعوى سائرة، وذلك كما يقول أفلاطون عن