[شريد!. . .]
للأديب محمود السيد شعبان
يا ليْل! هذَا شَريدٌ تائهٌ تَعِسٌ ... يحوطه الصمت في واديك والغلسُ
حيرانُ. . . يُدلج في طخياء مظلمةٍ ... تكادُ من خوفه الأنفاس تُحتبس!
لهفان. . . تحسبُهُ الأنظارُ واهمةً ... إنساً من الجنِّ أو منِ جنةٍ أنِسوا!
أَسوان. . . تنشدهُ الأوهام ساخرة ... لحْناً من البؤس فيهِ العيُّ والخرس
هَيمانُ. . . تَلقفهُ الاغلاسُ ذُاهلةً ... كأنما هو في كفِّ الدُّجى قَبس!
ظمآنُ. . . يرتشفُ الظلماَء يَحبسها ... كأساً من الدمع فيها الطهر والقدس
ندمانُ. . . يبحث عن ألف يُقاسمهُ ... جوْبَ الغياهبِ ما في طبعه دنس
نهمانُ. . . يُطعمِه ما ليس يُطعمه ... من السَّرابِ إذا ما لفَّه غلس!
أقولُ للنَّجم لمَّا لاح يرقُبُه: ... كِلاكما في الدِّياجي حائِرٌ تعِس
علامَ لا ترقدانِِ الليلَ وحدَكما؟ ... والكون أغفى وكل الناس قد نعسوا
وفيمَ لا تهجرانِ الليلَ ويحكما ... والليل للنفسِ ذات الشجو يفترس
أَأَنتَ يا ليلُ موجٌ ضلَّ غايتهُ ... تطوى دياجيهِ من عاشوا ومن درسوا؟!
علامَ يا ليلُ لم تفرحْ بمنْ سعدوا؟ ... وكيف يا ليل لم تحزنْ لمن تَعسوا؟
وفيم يا ليل لم تحفِل بمن ضحكوا ... ولا بمن فيك يا نبعَ الأسى عبسوا؟
سيَّانِ عنْدكَ من باتوا على أملٍ ... فيه النعيمُ ومن الليلُ قد يئسوا. . .!
يا سائلاً عن شبابي كيف تُعجبهُ ... تلك الأناشيدُ منها الدمع ينبجس؟
أقصِر بربكِّ!. . . فالآلامُ تَعرفُني ... لأنها في فؤادِ الفذِّ تَنغرِسُ!
محمود السيد شعبان