حفلت الصحف والمجلات المصرية في هذا الأسبوع بالكلام على الربيع وبصور الربيع، وتفنن بعضها في عرض صور الحسان فهذه تخلع للربيع، وهذه تغفو ليصف الشاعر الفتنة النائمة، وهذه تتحدى أزهار الربيع بما تبدى من مفاتن. وترى هنا وهناك قصائد يتغنى فيها الشعراء بالربيع وما يسبغ على الكون من جمال.
ذلك كله على رغم هذا الجو المتقلب الذي لا يستقر على حال وعلى رغم هذه الرياح، رياح الخماسين، التي تقذى العيون وتزكم الأنوف. فأين هو الربيع؟ إن هذا الجو الكدر المضطرب سينقلب بعد قليل إلى حر لا يطاق.
إذا كان للربيع وجود فهو في بلاد أخرى غير مصر، شرقية وغربية، وهم يشعرون به لأنه يأتي عندهم بعد شتاء قاس، وينتقل فيه الجو ببطء وتدرج؛ أما عندنا فهو انتقال من شتاء معتدل، وإيذان بصيف ثقيل، وهو فترة مضطربة لا يستقر فيها الجو على حال. وإني أشعر أن الخريف عندنا أجمل من الربيع، فهو يقبل بعد الصيف كما تقبل نسمات الأصيل بعد الهجير، والجو فيه أكثر استقرارا من الربيع، ولم أر فيه شجرا يسقط ورقه كما يقولون، فالشجر في مصر دائم الإيراق وقليل منه يسقط في الشتاء، والأزهار كثيرة ناضرة فيها على مدى العام، وحتى صور الحسان في الصحف والمجلات لا تنقطع لها مناسبة. . .
فما نصيب تلك المظاهر التي نصطنعها في الربيع من الصدق؟ أليست كلها تقليدا في تقليد؟ وكم من شاعر يتغنى بجمال الربيع وليس في عالمه إلا جدران قهوة أو غرفة مغلقة، ويتحدث عن الحب في الربيع وهو لا يحب غير نشر القصيدة أو إلقاؤها في حفل، ويشيد بشدو الطيور وهو لا يسمع غير ما يطلبه المستمعون من الإذاعة. . .
إن الربيع الحقيقي في مصر هو (البرسيم) ربيع الحمير. . .
ذكرى إقبال:
احتفت سفارة الباكستان في القاهرة بالذكرى الحادية عشرة للشاعر الفيلسوف محمد إقبال،