[يا شباب العرب!]
للأستاذ مصطفى صادق الرافعي
يقولون إن في شباب العرب شيخوخةَ الهِمَم والعزائم؛ فالشبانُ يمتدُّون في حياة الأمم وهم ينكمشون
وإن اللهوَ قد خفَّ بهم حتى ثقلت عليهم حياةُ الجد، فأهملوا الممكنات فرجعت لهم كالمستحيلات
وإن الهزلَ قد هونَّ عليهم كلَّ صعبةٍ فاختصروها؛ فإذا هزءوا بالعدو في كلمة فكأنما هزموه في معركة. . .
وإن الشاب منهم يكون رجلاً تاماً، ورجولةُ جسمه تحتجُّ على طفولة أعماله
ويقولون إن الأمر العظيم عند شباب العرب ألا يحملوا أبداً تَبِعَة أمر عظيم
ويزعمون أن هذا الشبابَ قد تمت الأُلفةُ بينه وبين أغلاطه، فحياته حياة هذه الأغلاط فيه
وأَنه أَبرعُ مقلِّد للغرب في الرذائل خاصة؛ وبهذا جعله الغربُ كالحيوان محصوراً في طعامه وشرابه ولذاته
ويزعمون أن الزجاجةَ من الخمر تعمل في هذا الشرق المسكين عملَ جندي أجنبي فاتح. . .
ويتواصَونْ بأن أوَل السياسة في استعباد أمم الشرق، أن يترك لهم الاستقلالُ التام في حرية الرذيلة. . .
ويقولون إنه لابد في الشرق من آلتين للتخريب: قوة أوربا، ورذائل أوربا
يا شبابَ العرب! مَن غيركم يكذّب ما يقولون ويزعمون على هذا الشرق المسكين؟
من غير الشباب يضع القوةَ بازاء هذا الضعف الذي وصفوه لتكون جواباً عليه؟
من غيركم يجعل النفوس قوانين صارمة، تكون المادةُ الأولى فيها: قَدَرْنا لأننا أردنا؟
ألا إن المعركة بيننا وبين الاستعمار معركة نفسية، إن لم يُقتل فيها الهزل قتل فيها الواجب!
والحقائق التي بيننا وبين هذا الاستعمار إنما يكون فيكم أنتم بحثُها التحليلي، تكْذِبُ أو تَصْدق.