(كاتبة هذا المقال الطريف سيدة عراقية حديثة قل في مصر نفسها من تضارعها في عمق الثقافة وسعة الاطلاع وأصالة الفكر. تلقت دروسها الثانوية في بغداد، والجامعة في بيروت، ثم سافرت إلى إنجلترا فتخصصت في التربية وعادت إلى بغداد فعينت بمدرسة الفنون البيتية. ثم رحلت مرة أخرى إلى إنجلترا في بعثة المعهد الثقافي البريطاني ورجعت بعد ذلك إلى التدريس وللأستاذة منيبة نشاط محمود في الخدمة الاجتماعية والنهضة النسوية والحركة الأدبية، نرجو أن تكون هذه المقالة فاتحة لتسجيل آثاره على صفحات الرسالة).
١ - أدب للرجل وأدب للمرأة:
يرى الناظر في كتب الأدب وتاريخه أن الكتاب اصطلحوا على تقسيمات وأنواع للأدب نحتوها من عصور الأدب أو من خصائصه بالقدر الذي يتعلق بعرضه لا بجوهره، فقال الأقدمون منهم مثلا وجود أدب جاهلي وأدب مخضرم وأدب إسلامي، وفصلوا الأخير منه بحسب ما حكم الأمة العربية أو بحسب ما تنقلت إليه الحكومات العربية من حواضر وبلدان، فوسموا بعضه بالأدب الأندلسي، وسموا بعضه بالأدب العباسي، وغير ذلك من التسميات التي استندت في الأكثر على هذه الاعتبارات التاريخية والجغرافية المحض. وأشاح المحدثون عن مثل هذه الاعتبارات لأن الفنون الأدبية تصاع إلى العوامل التاريخية بقدر ما تؤثر تلك الاعتبارات في مباني الألفاظ واتجاه التراكيب اللفظية وإيغالها في البداوة أو قربها من الحضارة مما يجعل فنونها في الأولى متعددة الألوان والأوصاف لا يخرجها عن الرثاء والمديح والعتاب والوصف والموشحات والغزل والتشبيب إلا بالقدر الذي عرف في تلك الفترة من مدلولات الألفاظ وتحكم العادات فيها. . . أعنى لا يخرجها عن القيود التاريخية كبير فرق، بينما تنعكس الحالة انعكاساً كبيراً في ضوء الأدب نفسه، فيتفرع عن هذا ألوان جديدة هي غير الرثاء والمديح والوصف والموشحات والغزل والتشبيب. . . فهي على هذا ليست موضوعات وإنما هي فصول وأبواب وأجزاء ومباحث تدخل فيها تلكم الموضوعات دخولا ثانوياً لا أقل ولا أكثر. فمن ذلك أن ينقسم الأدب غير انقسامه الأول إلى أدب واقعي ومثالي ورمزي أو إلى أدب صوفي ومكشوف أو إلى أدب مأساة وأدب