[رسالة الشعر]
لو تكلم الفلاح. . .
للأستاذ محمود الخفيف
شَبَّابَتِي جَفَّتْ عَلَيْهَا الشِّفاه ... وَلحْنُهَا مَا هَزَّ قَوْمِي بُكاهْ
بَكَيْتُ لا سَلْوَةَ غَيْرَ البُكا ... حَتَّى البُكا قدْ مَاتَ حَوْلِي صَدَاهْ
نَشأتُ فِي الشَّوكِ سَقيِمَ البَدَنْ ... وَالشَّوُكُ لي حَتَّى ارْتِدَائِي الكَفَنْ
يا وَيْلَتَا مَاذا جَنَتْهُ يَدِي ... يَدِي بَنَتْ فَوْقَ التُّرابِ الْحَيَاهْ
يَا لَيْتَ فَأسِي لَمْ تجِلْهَا يَدِي ... أو لَيْتَنِي يَا قَوْمُ لَمْ أُولدِ!
أَشْقَى لِيَبْنِي بِشَقائِي الْغِنَي ... واْلَجَاهَ، بانٍ، كَمْ رَمَتْنِي يَدَاهْ
أعيشُ من عَجْمَائهِ أَوْضَعَا ... يَا لَيْتَ لي مِنْ فِكْرِهِ مَوْضِعَا
للِثَّورِ ضِعْفٌ إنْ ذَكَرتُ الذِي ... أُعْطَاهُ أجْراً سَاَء شَرْعُ الطُّغاهْ!
حِمَارُهُ في سُرُجٍ من حَريرْ ... وَبَيْنَنَا في الرِزْقِ فَرْقٌ كَبيرْ
وَكلْبُهُ، لو أنَّ بَعْضََ الذِي ... يَحْظى بهِ حَظِّي جَهِلتُ الشَّكاهْ
ضَنيتُ حتى مَا عَرَفْتُ الضَّنَى ... وَاْلمَوْتُُ طِبِّي بعدَ طولِ العَنَا
يا قَوْمُ إني جِئْتُ من آدَمِ ... ما لِي بهذا الكَوْنِ جَدٌ سِوَاهْ
شَقِيتُ حَتى قدْ جَهلْتُ الشقَاءْ ... وَبَغَّضَ اليَأسُ لِقلبِي الرَّجَاءْ
كَمْ لُذْتُ بالآمَالِ حَتَّى غَدَتْ ... بَعْضَ عَذَابي الَيْومَ وَا حَسْرتاهْ!
أَلِمْتُ حتَّى قدْ رَثيَ لي الألَمْ ... وَأشفَقَ السُّقمُ وَحَارَ العَدَمْ
لَمْ يُبْقِ مِنِّي غَيْرَ طَيْفِ الْبِلَى ... عَيْشي وَمَالِي حِيلَةٌ فِي سِوَاهْ
لا هُوَ مُحْيينِي وَلا قَاتِلِي ... مَنْ ذا يُزِيحُ الْعَيْشَ عَنْ كاهِلي؟
مِنْ مَوْلِدِ الشَّمْسِ إلى مَوْتِها ... كَدحٌ وما غَيْرُ الرَّدى مُنْتهاهْ
وفي لَظَى الشَّمْسِ وَقُرِّ الشِّتاءْ ... ما كانَ لي غَيْرَ قَمِيصي وِقَاءْ
وَقُوتِيَ الخُبْزُ، يَمِيناً لَئِنْ ... يُلقَي لِكلبٍ مُترَفٍ لازْدَرَاهْ
لِغَيْرِيَ النِّيلُ جَرَى كَوْثَراً ... وَلِي جَرَى من عِيشَتي أَكدَرَا
مِنْ طِيِنهِ الذّائِبِ أرْوِى الظّماَ ... وَقدْ رَوَي مَاءُ جَبيني ثَرَاهْ!