يسرني ويسرني جداً أن أقرأك أيها الأستاذ الأمين على صفحات (الرسالة) - صحيفة الأدب الخالدة - حاملاً لواء الوحدة، داعياً إلى الاتحاد والألفة. وإن في لحنك الجديد العالي - يا أستاذ - لذة ومتاعا، وإن فيه كل ما تصبو إليهالنفوس الحساسة الشاعرة، وإن تفسيرك للفظة الشيعية التي وردت في كتابيك الجليلين وسفريك الثمينين: فجر الإسلام وضحاه، وتصريحك بأنك لم تقصد من لفظ الشيعة الأمامية الاثني عشرية منهم، وإنما قصدت المغالي الممعن في غلوه، كل ذلك منك عاطفة مشكورة هذه لدليل أقوى دليل، وبرهان أسطع برهان، على أدب نفسك وطهارة ذاتك، وعظيم أخلاقك وخلالك. وكن على يقين معي بأن تصريحك هذا قد رفع سوء التفاهم وأزال من نفوس إخوانك الشيعة البررة كل ملامة وعتب؛ وإذا قرأت أو سمعت عن مفكريهم شيئاً لا يرضيك، فإنما كان ذلك غيرة على طائفتهم ودفاعاً عن آرائهم ومعتقداتهم، وهذا طبيعي لكل أمة تحتفظ بكرامتها، وتحرص على سمعتها؛ واسمح لي بأن أقول إنهم لم يخطئوا إذ فهموا من لفظ الشيعة أنك عنيتهم ما دام لفظ الشيعة مطلقاً غير مقيد؛ وليس في كتابيك (فجر الإسلام وضحاه) عبارة واحدة على تقييد الشيعة بالغالية لتخرج الاثني عشرية عن لفظ الشيعة المطلق الذي يشمل فرق الشيعة المتعددة؛ ومن المقرر في أصول الفقه أن المطلق إذا لم تقم قرينة تدل على تقييده يحمل على إطلاقه. وقد تكون ثمة قرائن - لا قرينة واحدة - قامت لدى الشيعة على الإطلاق وحملتهم على ما فهموه، فان ذكرك للفظ الشيعة مطلقاً أيضاً في كتابك (ضحى الإسلام) - بعد أن زرت العراق وطفت بمدن الشيعة، واجتمعت برجالاتها، وعرفت الشيء الكثير من عقائدها وآرائها - سوغ لهم هذا الفهم وحملهم على أن يعتقدوا هذا الاعتقاد؛ ولست أريد بكلامي هذا أن أثبت أنك تقصد ما فهموه، وإنما أريد أن أقول إنهم لم يخطئوا في فهمهم ما دام إطلاق اللفظ كان يحتم عليهم فهم ذلك. وعلى كل حال سترى من الشيعة إخواناً شاكرين أفكارك وآراءك الأخيرة
وأود أن ألفت نظرك إلى نقطة مهمة وردت في مقالك القيم، فقد قلت: (وليست الأمامية