للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التي يدين بها أهل العراق وفارس إلا فرقة واحدة من فرق عديدة بعضها باق إلى اليوم، وبعضها عفى عليه التاريخ). إن الطائفة الاثني عشرية هي الطائفة الوحيدة اليوم من طوائف الشيعة وهي مبثوثة في العراق وفارس والهند وأفغان وسورية والبحرين والحسا والقطيف وفي غيرها من الأقطار الإسلامية، وكل ما يبرز للعالم من آثار علمية ومنتوجات أدبية هو مما دبجته أقلام علماء هذه الفرقة وكتابها وشعرائها، ولم يبق من طوائف الشيعة المتعددة غير هذه، اللهم إلا بعض طوائف ضئيلة لا تذكر. لذلك أصبح لفظ الشيعة اليوم خاصاً بهذه الطائفة يتبادر إلى الذهن لدي إطلاقه؛ وقد بادت - والله الحمد - أكثر هاتيك الطوائف الضالة التي شوهت سمعة الشيعة. وأملي وطيد ألا تعرض في الجزء الثالث من فجر الإسلام إلى غير هذه الطائفة لأنها هي الطائفة الوحيدة من بين طوائف الشيعة المتعددة، التي يطلق عليها لفظ الشيعة بكل ما لهذه اللفظة من معنى؛ فهي التي شايعت علياً عليه السلام وتابعته في أفعاله وأقواله، وليست طوائف الشيعة الضالة من التشيع في شيء ما دامت أفعالهم وأقوالهم لا تتفق وأقوال أهل البيت عليهم السلام وأفعالهم. ومن الخطأ جداً أن نجعل المقياس والجامع للتشيع حب علي (ع)، لأنا إذا أردنا أن نجعل المقياس هذا العنوان وجب أن نطلق على السنيين لفظة الشيعة أيضاً، لأنهم يحبون الأمام ويقدسون شخصيته، فالمقياس للتشيع إذن هو المشايعة والمتابعة، وهو الذي يقتضيه لفظ الشيعة؛ أما الطوائف التي لا نجدها مطابقة لهذا اللفظ فليست من الشيعة في شيء وإن ألصقت نفسها إلصاقا واتخذت لها هذا الاسم وساماً

أما ما رجحت من عقد مؤتمر في بغداد يجمع بين علماء الطائفتين، ويؤلف بين الفرقتين فهذه فكرة ناضجة، وأصبحت اليوم محتمة. وجدير بكل مسلم أن يبث هذه الدعوة، ويسعى لتحقيق هذه الفكرة فقد آن أن نتفق ونتحد، وآن لنا أن نوحد الصفوف ونجمع الكلمة، وآن لنا أن ننبذ النعرات الطائفية التي كانت السبب الوحيد في شق عصا المسلمين وبث روح الخصام في نفوس الأمة المسلمة التي كان يسودها الاتفاق، ويعلو سماءها الحب والوئام. وحري بنا - ونحن في هذا العصر الذي كثر فيه أعداء الإسلام ومناوئوه - أن نتناسى الماضي ونسدل حجاباً كثيفاً على كل ما من شأنه أن يكدر الجو ويثير العداوة والبغضاء. وإذا فرقتنا المذاهب بالأمس فستجمعنا المصائب اليوم. وإني أتذكر كلمة خالدة في هذا

<<  <  ج:
ص:  >  >>