للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الموضوع لعلامة جبل عامل الأكبر الأمام السيد عبد الحسين شرف الدين نوهت عنها مجلة المنار الإسلامية، فقد قال عن الطائفتين: (فرقتهما السياسة، وستجمعهما السياسة)؛ فالسياسة التي فرقت بينهما طيلة الأعصر الماضية هي هي التي ستجمع بينهم في هذا العصر وتوحد صفوفهم في الأعصر الآتية؛ وإن الواجب ليحتم على كل فرد من أفراد الأمة الإسلامية أن يبث روح الاتفاق الحية، ويسعى جهده في كل ما يرجع إلى صالح الأمة، (فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، ولكن مما لا شك فيه أن المسؤولية العظمى تلقي على عاتق العلماء والمفكرين من الأمة، فانهم هم القادة، وهم الذين يقدرون الواجب، وهم الذين يحسون بمسيس الحاجة إلى بث روح الاتفاق والألفة، وهم قادرون - بما أوتوا من علم وحكمة وقوة بيان - أن يخضعوا العامة لآرائهم ونظرياتهم؛ وإذا قام العلماء ببث هذه الروح، وقاموا بإيجاد مؤتمر إسلامي عام، فإنما يقومون بواجب تفرضه عليهم حالة الأمة الإسلامية الحاضرة، وتحتمه آي القرآن الكريم ونصوص السنة المقدسة؛ فالقرآن الكريم يحض على الاتفاق، ويحث على الألفة فيقول: (إنما المؤمنون اخوة)، ويقول: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض)، ويقول: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم) ويقول (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) إلى غير ما هنالك من الآيات الكريمة التي تحتم على المسلمين أن يتفقوا، وتحذرهم أن يتفرقوا فتذهب ريحهم، ويخسروا عزهم ومجدهم. ونحن لو رجعنا إلى السنة النبوية المقدسة لوجدناها تضرب على هذا الوتر وتلحن أحاديثها الشريفة على هذا التلحين، وتواجه المسلمين بنحو هذا الأسلوب فتقول: (ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم، وهم يد على ما سواهم فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل) والأحاديث في ذلك كثيرة. وكان صلى الله عليه واله وسلم يبث هذه الروح المباركة ويحض عليها بمختلف التعبير، وكان لإرشاداته (ص) وتعاليمه القيمة دوي عظيم في أنحاء الجزيرة العربية، وأثر في نفوس المسلمين الأثر الذي جعل فيهم روحا وثابة حية كانت هي السبب الوحيد في رقيهم الباهر، وتقدمهم العظيم. فالأمة الإسلامية ما اجتازت تلك المراحل، وما وصلت إلى ما وصلت إليه من المجد والعظمة إلا بالتمسك بالاتفاق والاعتصام بحبله المتين؛ بفضل الاتفاق أصبحت الأمة الإسلامية أمة

<<  <  ج:
ص:  >  >>