عاد الأستاذ شاكر إلى خلته التي تركناه لها، وتركناه من أجلها، وما أحسبه ولا الأدب بمفيدين من هذه الخلة شيئا، ما احسبني ولا رأيي بخاسرين بها كذلك. فليقل إذن، ما دام القول هكذا يريحه - وإنا لنبغي له الراحة إن شاء الله - ولسواه!
أما أنا فعلى منهاجي في تقسيم الموضوع سأسير، فان أتى الأستاذ بشيء، غير ما يحلو له أن يفرط علينا به، فسأجعل ختام حديثي عن العقاد نقاشا له فيه، كما صنعت في ختام حديثي عن الرافعي، وهذا آخر ما نستطيع أن نكرم الأستاذ به
وأما الأستاذ (الطنطاوي) فأنا أكرم (دمشق) وجيرتها أن أكسب خصومته إذا أنا شئت الجد في وصف كلمته، ووضعتها حيث ينبغي وضعها من الأدب والرأي، في مدارج الآداب والآراء. ولعني بصمتي عنها أكون قد شئت له أفضل مما شاء لنفسه. وليسأل في ذلك (المتقدمين من نقدة الأدب) الذين يقف عند آرائهم
سيد قطب
من الناس من يقف عند ظواهر الأشياء والآراء، كما يقف الميزان من الموزونات، لا يميز بين أنواعها، ولكن يميز بين كثافاتها. وهؤلاء هم (الشكليون) في إحساسهم وأحكامهم، وهم والميزان الميت الجامد سواء
وفي مثل هؤلاء يقول العقاد، مصدراً عن (طبع قوى يخلق المبادئ الخلقية، ويختار ما يناسبه، ويرفض مالا يرتاح إليه، ولو تواضع الناس عليه) كما قلت في أول كلمة:
إنا نريد إذا ما الظلم حاق بنا ... عدلَ الأناسيَّ لا عدلَ الموازين
عدلُ الموازين ظلم حين تنصبها ... على المساواة بين الحرّ والدون
ما فرَّقت كفة الميزان أو عدلتْ ... بين الحليَّ وأحجار الطواحين
هؤلاء العادلون - على طريقة الموازين - يقولون: إن للعقاد مدرسة، وللرافعي مدرسة؛