(ما أكثر العبر واقل الاعتبار) ما أوجز هذه الكلمة، وما اعظم فائدتها ولا ريب أن العبر كثيرة جدا بل كل شيء في الوجود فيه عبرة. ولا ريب في أن المعتبرين فيها قليلون، وان الناس قد غلب عليهم الجهد والهوى، وأرداهم حب الدنيا، وأسكرهم خمرها، وان اليقين في الأصل ضعيف عندهم، ولولا ضعفه لكانت أحوالهم غير هذه الأحوال.
٧٩٧ - ما خلا لذة الهوى والسلافة
في (نفح الطيب):
قال الوشاح المحسن أبو الحسن المريني: بينما أنا اشرب مع ندمائي بازاء الرصافة (في قرطبة) إذا إنسان رث الهيئة، مجفو الطلعة قد جاء فجلس معنا. فقلنا: ما هذا الأقدام على الجلوس معنا دون سابق معرفة فقال: لا تعجلوا علي، ثم فكر قليلا أنشدنا:
أسقنيها إزاء قصر الرصافه ... واعتبر في مآل أمر الخلافة
وانظر الأفق كيف بدل أرضا ... كي يطيل اللبيب فيه اعترافه
ويرى أن كل ما هو فيه ... من نعيم وعز آمر سخافة
كل شيء رايته غير شيء ... ما خلا لذة الهوى والسلافة
قال المريني: فقبلت راسه، وقلت له: بالله من تكون؟ فقال: قاسم بن عبود الرياحي الذي يزعم الناس انه موسوس احمق، فقلت له: ما هذا شعر أحمق، وان العقلاء لتعجز عنه، فبالله إلا ما تممت مسرتنا بمؤانستك ومنادمتك وإنشاد طرف أشعارك، فنادم وانشد وما زلنا معه في طيبة عيش إلى أن ودعناه وهو يتلاطم مع الحيطان سكرا، ويقول: اللهم غفرا
٧٩٨ - بين ملك وعالم
قال ياقوت: لما خرج عضد الدولة لقتال عز الدولة بختيار ابن معز الدولة، دخل عليه أبو علي الفارسي فقال له: ما رأيك في صحبتنا.