في اليوم التاسع من الشهر الماضي شهدت باريس حشدا هائلا يعلوه الحزن، وتخيم عليه الكآبة؛ فان فرنسا في ذلك اليوم كانت تشيع جثمان عالم جليل منأكبر علمائها وهو الدكتور أميل رو، خليفة باستور ومدير المعهد الشهير باسمه زهاء الثلاثين عاما. وقد سار الموكب الخطير، يتقدمه رئيس الجمهورية والوزراء والسفراء والعلماء حتى وصل إلى كنيسة نوتردام، حيث أقيمت مراسم الحزن على الفقيد العظيم، ثم نقل النعش بعد ذلك إلى معهد باستور حيث أودع مؤقتا ذلك السرداب الذي يحوي قبر باستور نفسه، وذلك ريثما يقام له ضريح خاص في حديقة المعهد
ولد أميل رو في ١٧ديسمبر سنة ١٨٥٣في مقاطعة شارنت وبعد أن أتم دراسته الأولى ونال البكلوريا في العلوم، ذهب يدرس الطب في مدينة كارمان فران أولاً ثم في باريس. وقد اجتذبه إلى هنالك وجود أستاذه الذي تلقى عليه علم الكيمياء وهو الأستاذ دلكاو وجعل يشتغل محضرا في معامل أستاذه هذا، وفي عام ١٨٧٨ كان الأستاذ باستور يلتمس مساعدا له ممن درسوا الطب. فبادر الأستاذ دلكاو بترشيح رو لهذا المنصب ومن تلك السنة بدأت صلته بالأستاذ الأكبر، تلك الصلة التي لم تزدد على الأيام إلا توثيقا، والتي لم يقطع حبلها سوى الوفاة
لم يمض زمن حتى أصبح رو ألصق الناس بباستور، وجعل هذا يشركه معه في تجاربه عن النبيذ، وفي أبحاثه في هيضة الدجاج، والجمرة الخبيثة التي تصيب الماشية، وفي سنة ١٨٨٣ أرسله مع بعض مساعديه إلى القطر المصري لدراسة الهيضة (الكوليرا) الآسيوية التي انتشرت في بعض أقاليم مصر. وبعد عودته اشترك مع أستاذه في الأبحاث التي كان باستور يقوم بها عن مرض الكلب
وفي السنوات التالية أخذ رو ينشر أبحاثا هامة عن مرض الجمرة الخبيثة وبعض الأمراض التي تصيب الخنازير وفي عام ١٨٨٧ وفق إلى اكتشاف خطير وهو اكتشاف