التوكسين (أي المادة التي يفرزها المكروب) فانه استطاع أن يبين للعالم أن المكروب لا يؤثر تأثيره بنفسه بل بواسطة مادة يفرزها. وانه في كثير من الأحيان يمكن عزل هذه المادة. وهذا الاكتشاف أوصله إلى اختراعات خطيرة تتعلق بمعالجة بعض الأمراض بواسطة المصل، ولهذا يعتبر رو مبتكر العلاج بالمصل يلبث أن وصل إلى إيجاد الأمصال ضد مرض الكزاز وضد الطاعون وضد سموم مكروب الالتهاب الرئوي. ولعل أكبر اكتشافاته جميعا هو اكتشافه لتوكسين الدفتريا، فقد كان هذا هو الخطوة الأولى في سبيل إيجاد المصل الشافي والواقي من هذا المرض.
في عام ١٨٩٥توفي باستور ودفن في المعهد العظيم المسمى باسمه بالقرب من سان كلو. فخلفه في إدارة المعهد الأستاذ دلكاو، وكان الدكتور رو نائبا للمدير الجديد، إلى أن توفي هذا عام ١٩٠٤ فتولى رو إدارة معهد باستور. وقبل هذا بسنوات أنتخب رو عضواً لأكاديمية الطب، ثم عضوا لأكاديمية العلوم، وقلد جميع وسامات اللجيون دونير بجميع طبقاتها.
وقد بقى لمعهد باستور رونقه ونشاطه تحت إدارة أميل رو. بل لقد تقدم واتسعت أعماله وانتشرت فروعه. غير أن أعمال رو الإدارية كانت كثيرة ومجهدة، فاستغرقت منه كل وقته ولم يكن بوسعه في السنين الأخيرة من حياته أن يتفرغ لأبحاثه كما كان يفعل من قبل. لكنه كان أكبر مرشد للباحثين، وكان كثير التشجيع للعلماء، ومن غير شك كان له فضل في كثير من الاكتشافات التي صدرت عن المعهد أثناء إدارته دون أن تنسب إليه.
وقد قضى رو حياته كلها في خدمة العلم والإنسانية. وعدا جهوده العلمية لم يكن في حياته حادث يستحق الذكر، فانه لم يتزوج ولو أنه كان كثير العطف على أخواته وأقربائه. وكان شديد التواضع إلى درجة إنكار الذات. ومما يؤثر عنه في هذا الصدد أنه عندما أريد تقليده وسام اللجيون دونير من درجة أوفسييه أبدى امتناعا شديدا وصاح بالحاضرين:(إن شرف الاكتشاف يرجع إلى الأستاذ بهرنج.) ولكن الرئيس أمسكه من ردائه بعنف وقلده الوسام بالرغم منه.
إن أجل شيء قام به رو هو من غير شك اختراعه العلاج بالأمصال، وبنوع خاص اكتشافه لتوكسين الدفتريا عام ١٨٨٧. وهذا الاكتشاف انتفع به الأستاذ الألماني بهرنج في