عاد المهندس المعماري ديمتري اسيبوفتش فاكسن من المدينة إلى كوخه الذي يقضي فيه عطلته وهو متأثر غاية التأثر مما سمعه في جلسة استحضار الأرواح التي تشرف بحضورها!
وعندما خلع ملابسه، ومشى إلى فراشه المنعزل، ولا أنيس معه فيه - فقد بارحت مدام فاكسن المنزل إلى عمل يستغرق طيلة الليل - لم يستطع أن يطرد عن ذهنه تصور كل ما سمعه ورآه في هذه الليلة التي لم يكن الحديث فيها ممتعاً على الإطلاق! فلقد مضوا الليل كله في حديث مروع بدأته سيدة في رونق صباها - على ذكر لا شيء - بالكلام عن التفكير عند القراءة، ومن هنا تشقق بهم الحديث دون أدراك إلى الأرواح، ومن الأرواح انتقلوا إلى الأشباح، ومن الأشباح تشعبت بهم سبل الكلام إلى أناس يدفنون أحياء. . .! وقرأ سيد قصة مرعبة عن جثة تسير وهي مدرجة في الكفن. . . وطلب فاكسن نفسه فنجانة وأخذ يشرح للسيدات الصبايا الطريقة المثلى لمخاطبة الأرواح! وأحضر من بين الموتى روح عمه كلافدي ميرونتش وسأله:
(ألم يحن الوقت بعد لنقل ملكية منزلنا إلى زوجي؟)
فأجابته روح عمه:(كل الأشياء حسنة في حينها)
وفكر فاكسن وهو مضطجع على سريره وقال لنفسه:
(في الطبيعة أشياء كثيرة. . . سرية. . . ومفزعة. . . فالمجهولات لا الأموات هي المروعة حقا)
ولما دقت الساعة واحدة انقلب فاكسن على جنبه الآخر، وأخذ يرمق من تحت غطائه نور المصباح الأزرق المحترق أمام الصورة المقدسة، وقد ارتعش لهبه، وألقى نوره الخابي على قاعدة الصورة، وظهرت أمام سريره صورة عمه كلافدي الكبيرة المعلقة على الحائط