لم يرد في القرآن الكريم نص صريح يحرم استعمال الذهب والفضة والحرير، وجميع الآيات التي تتعلق بهذه الأشياء إنما تشير إلى أنها مما يستمتع به المتقون يوم القيامة عندما يسكنون الجنة ويلبسون الحرير ويتحلون بأساور من ذهب وفضة ولكن ورد في كتب السنة أحاديث عدة تنظم استعمال هذه الأشياء. بعضها يحرمها وبعضها يحللها بحسب الظروف المختلفة. والملحوظ في التحريم على كل حال هو الرغبة الصادقة في الحيلولة بين الرجال وبين الانغماس في النعيم، حتى يظلوا متمسكين بعادات البداوة والخشونة لا يفقدون شجاعتهم وحميتهم. ولقد كان في تلك الإباحة وهذا التحديد أو التحريم غنم كبير للفنون الجميلة يتجلى لنا فيما أبتدعه المسلمون من المنسوجات ومن الحلي والأواني
أما الحرير فله في تاريخ الحضارة قصة شيقة ساهم المسلمون فيها بأوفى نصيب، فقد كان إنتاجه سراً مغلقاً لا يملك مفتاحه غير الصينيين. واستطاع الإمبراطور جستنيان في سنة ٥٥٦ م أن. يقف على هذا السر، وأصبحت بيزنطة منذ ذلك التاريخ من أهم مراكز إنتاج الحرير ونسجه. واقتصر استعمال المنسوجات الحريرية في أول الأمر على النساء؛ ولكن رجال الدولة الرومانية اتخذوا ملابسهم من الحرير. وعندما ظهر الدين المسيحي ورأى رجال الكنيسة أن في استعمال هذه الملابس ترفاً لا يقره الدين ولا سيما وقد كانت أثمان هذه الملابس مرتفعة إلى حد بعيد انبروا لمقاومة انتشارها وأعلنوا حرباً شعواء عليها، ولكنهم فشلوا في حملتهم، وتغلبت روح الترف على الناس فأقبلوا على اقتنائها. وجاء الإسلام فلم يشأ أن يقف جامداً أمام هذه المشكلة، بل نظم استعمال الملابس الحريرية تنظيماً كان له أبعد الأثر في الفن، إذ وردت في كتب السنة أحاديث عدة أباحت الحرير للنساء إطلاقاً من غير قيد ولا شرط، وحرمته على الرجال إلا لضرورة. أو كان الثوب مشتملاً على قدر إصبعين أو أربع أصابع من الحرير. وعلى أساس هذه الإباحة ازدهرت طريقة الزخرفة المسماة بالتابستري وكانت المنسوجات التي تزين بهذه الطريقة تنسج بالطريقة العادية للنسيج أي تقاطع خيوط اللحمة بخيوط السدي حتى إذا وصل النساج إلى النقطة المراد زخرفتها أوقف عملية الحشو بخيوط اللحمة وأخذ في عمل الزخرفة بخيوط من