الحرير المختلفة الألوان فترى الثوب وقد ازدان بشريط من الحرير يتضمن زخرفة مدهشة تدل دلالة واضحة على مدى ما بلغه المسلمون من الخبرة الواسعة بالأوضاع الزخرفية والأساليب الفنية والمقدرة الفائقة على اختيار الألوان، حتى أن الإنسان لا يدري أموضع السحر في هذه المنسوجات دقة الزخرفة أم التناسق بين الألوان أم جمال الحرير وقد نسجه وسط الكتان؟ ولقد كانت هذه الطريقة متمشية مع ما أقره الفقه الإسلامي، وإن كان الفاطميون قد تسامحوا فيها في أواخر عصرهم فزادوا في مساحة أشرطة الزخرفة المنسوجة من الحرير عن النسبة المقررة شرعاً
وفي ظل الإباحة المطلقة للنساء تقدمت صناعة نسج الحرير وراجت رواجاً عظيماً، وأصبح في متناول معظم الناس بعد أن كان قاصراً على الحكام والأمراء قبل الإسلام، وتسلم المسلمون زعامة تجارته في العصور الوسطى، وكان لهم فضل إدخاله في صقلية والأندلس
أما الحلي المصنوعة من الذهب فقد نشط الصناع المسلمون في صياغتها، وتفننوا في صنعها، وأتوا فيها بالبدع المدهش، والأمثلة القليلة التي عثر عليها في أطلال الفسطاط - أقدم العواصم الإسلامية في مصر - من خواتم وأساور وأقراط خير دليل على ذلك. ولولا أن الحلي الذهبية من الأشياء التي تصهر ويعاد صنعها في العصور المختلفة لوصلت إلينا نماذج كثيرة تكشف عن مهارة المسلمين في هذه الناحية
أما اتخاذ الأواني من الذهب والفضة فقد حرم بنص الأحاديث المختلفة، ولكن هذا التحريم كان في الواقع سبباً مباشراً في اهتداء الفنان المسلم إلى طريقة استطاع أن يوفر بها للأواني الخزفية جمال الذهب وبريقه فتوصله إلى صنع الخزف ذي البريق المعدني. ولحسن الحظ قد وصلت إلينا من هذا الخزف أمثلة كثيرة تسابق إلى اقتنائها المتاحف والهواة في الشرق وفي الغرب. وفي الحق أن هذه الأمثلة قد امتزجت فيها دقة الصانع بعبقرية الفنان فأبدعا معاً هذه التحف التي يستمتع الآكل فيها بجمال الذهب ورونقه ويرتاح ضميره - إن كان مسلماً متمسكاً بالدين - إلى إتباع أحكام الدين وطاعته
هذا وقد اهتدى المسلمون تحت ضغط هذا التحريم إلى طريقة تطعيم أواني النحاس بالذهب والفضة فجعل من الأواني المنزلة بالذهب وبالفضة أو بهما معاً تحفاً رائعة لها من الجمال