يزعم سارتر أخذ هذه الفلسفة عن الفليسوف الألماني المعاصر هيديجر ويجب أن نعرف أن هيديجر هذا كان يلوّح للناس لينظروا إلى فلسفته بصفتها بشيراً ورسولا من لدن الاشتراكية الألمانية. وبعد أن دالت دولة هتلر رأيناه في كل ما وصل إلينا من آرائه تقريباً يتجه اتجاهاً لا هو بالاشتراكي ولا هو بالإلحادي ولا هو بالشيوعي، وإنما هو أقرب - كل القرب - إلى أن يكون دينياً منه إلى أي شيء آخر. يزاد على هذا أنه يدعو الناس إلى أن ينظروا إلى فلسفته القديمة بهذا المنظار ويؤولوها بما يتفق وهذا المعنى الجديد. فأي شيء بقى إذن للتلميذ وعشاقه؟
يزعمون أن الوجودية ليست بدعاً وإنما قال بها الفيلسوف الطبيعي باسكال قبل سنة ١٦٦٢، ولكن باسكال هذا حينما أحس بوجوده وتعمق هذا الوجود، وحينما نظر إلى الموجودات الأخرى وتعمق النظر راعه أن يرى الإنسان - وهو أسمى الموجودات طراً - ينغمس في شهواته الحسية الجامحة مهملا عقله فصاح صيحته الخالدة:(عجبي للإنسان يهمل عقله الذي به صار وجوده)! ولما أدمن النظر العميق في الكون، أدرك خالقه الأعظم سبحانه وآمن به أعمق إيمان، ثم انصرف ببحثه إلى الدين وبدأ يؤلف كتابه المشهور في الدفاع عن المسيحية فكان أشبه في ذلك بالرجل المتصوف.
فهل فعل سارتر مثل ما فعل؟ لقد قال إن للسن عند باسكال عذره!!
وعلى نهج باسكال، أو قريب منه، سار كيير كجارد الفيلسوف الدنمركي وكثيرون غيره أخص منهم بالذكر الكاتب المسرحي الفيلسوف جابرييل مارسيل الذي توصل إلى معرفة الله وبين أن أسمى صلة بين الموجودات ما كانت قائمة على المحبة، وأسمى أنواع المحبة محبة واجب الوجود سبحانه.
لم يبق إذن لاتحاد شركات سارتر وآخرين كما يسمونهم في فرنسا إلا أن يدعوا أنهم وريثوا فلسفة نيتشه وأنهم على طريقه ناكبون. فما هي فلسفة نيتشه هذا؟ وهل الغرض الذي قامت من أجله هذه الفلسفة في ألمانيا هو الغرض الذي تقوم من أجله في فرنسا؟ وهل