للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شيء من الصراحة]

للأستاذ علي العماري

في عدد مضى من الرسالة كتب الأستاذ الفاضل الشيخ على الطنطاوي مقالا بعنوان (مستقبل الأدب) تناول فيه بشيء من الحسرة والألم ضعف الطلاب في هذه الأيام، ولاحظ أن بعض الذين على أبواب التخرج منهم لا يستطيعون أن يقرءوا أربعة سطور دون أن يخطئوا عشرة أخطاء، وأن الألسنة غير مستقيمة، وأن معين النبوغ جف أو كاد.

وأحب أن أقول للكاتب النابغة - في شيء من الحسرة والألم أيضاً - أن كل ذلك صحيح، وأن الذي يعاني مهنة التعليم اليوم يجد ما يفتت الكبد، ويبكي العيون، ولكن لا يكفي أن نبكي على ما يهدد الأدب من تدهور وانحطاط، بل لابد لنا أن نقدم - مخلصين - رأياً في علاج هذا الضعف، ولا قدرة للطبيب على العلاج الناجح المفيد إلا إذا استطاع أن يشخص الداء، ولكن كيف نقول فيما يعيث في مدارسنا ومعاهدنا، وقد نشأنا على حب المداراة، وستر العيون،؟ إننا - إذن - في حاجة إلى شيء من الصراحة، كما أنا في حاجة إلى من يأخذ عنا غير غاضب ولا متسخط، ولقد عالج الأستاذ الفاضل مشكلتين: مشكلة ضعف الطلاب في القراءة، ومشكلة الضعف العام في اللغة العربية، وتكاد الأسباب تكون متداخلة، غير أن للضعف في القراءة أسباباً خاصة.

والذي نشاهده في معاهدنا، ومدارسنا، العالية، والمتوسطة هو عدم العناية بدروس المطالعة، وهذا الإهمال في درس المطالعة ليس مقصوراً على التلميذ، بل هو إهمال عام، فالإدارة والمدرس، والتلميذ، كلهم ينظرون إلى هذه المادة على أنها مادة إضافية، ولا يزال قاراً في الأذهان أن درس المطالعة هو درس (اللعب، والراحة) فنجد أن واضع الجدول يعطي هذه المادة لمدرس مادة أساسية، كالنحو أو البلاغة، وذلك لكي يستعين بها في إتمام دراسة مادته، وأن المدرس لا يعنيه من هذا الدرس إلا أن يستعين به في مادته، ولعل من أوضح الدلالة على الاستهانة بمادة المطالعة، إنا لا نجد طالباً يرسب فيها في الامتحانات العامة كأن كل الطلاب يقرءون صحيحاً، وأن المدرس الذي يعمد إلى إسقاط طالب يعد بين إخوانه وبين تلامذته من الثقلاء المتعجرفين، ويصبح مادة للتندر والتفكه، والتلميذ نفسه لا يكاد يحسب حساباً للامتحان في هذه المادة، لما ألقاه الزمن في نفسه من أن النجاح فيها

<<  <  ج:
ص:  >  >>