للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مضمون على كل حال. . . وإذا رجعنا إلى الدراسة نفسها وجدنا الإهمال فيها ظاهراً، فقليل من الطلاب بل أقل من القليل من يستحضر نسخة من الكتاب المقرر، بل إن بعضهم يكون الكتاب في يده ولكنه يكسل عن فتحه والمراجعة فيه، وكثير من المدرسين لا يزيدون في الدراسة عن القراءة العابرة - إذا قرءوا -، وإني لأذكر أنه كان مقرراً في الكليات التي تدرس اللغة العربية كتاب الأمالي لأبي على القالي، وكتاب الكامل للمبرد، وكتاب زهر الآداب للحصري، ومقدمة ابن خلدون، وأذكر مع ذلك أن ما قرئ من هذه الكتب لا يتجاوز مائة صفحة في أي سنة من السنوات، وفي أي فرقة من الفرق، وليس عجيباً بعد هذا أن نجد بعض المتخرجين لا يعرف شيئاً عن هذه الكتب إلا أنه حصل عليها من غير مقابل، بل لقد رأيت واحداً يبيع كتاباً منها فسألته لم يبيعه؟ فأجاب لأنه لا يفكر في أن يفتحه يوماً من الأيام! وهو الآن من المعدودين عند السادة الرؤساء!

وإذا تجاوزنا القول في المطالعة إلى القول في المحفوظات وجدنا الأمر أدهى وأمر، وذلك لأن في الطلاب انصرافاً غريباً عن الحفظ والاستظهار، على أن من يحفظ منهم لا يحفظ راغباً مستلذاً من منثور العرب ومنظومه، وإنما يحفظ ليدخل الامتحان وكفى!!.

حتى هؤلاء الذي يحفظون للامتحان قلة، وإنما الشأن في طلاب اليوم ترك الحفظ جملة وتفصيلا، وليس بعجيب أن تجد طالباً في المرحلة الأخيرة من الأقسام الثانوية وهو لا يكاد يقرأ ثلاثة أبيات تباعاً، وإني لأعرف صديقاً ينظم الشعر، وقد تخرَّج منذ سنوات وهو إلى الآن لا يستطيع أن ينشدك شيئاً من الشعر القديم!!

وكثيراً ما نصادف - في الامتحان - بعض طلاب لا يحفظون شيئاً أبداً، حتى إن بعض الممتحنين يتندر بهم قائلاً ألا تحفظ شيئاَ من المواليا أو الرجل؟! كما لاحظت أن بعضاً يحفظون قصيدة واحدة تظل معهم سنوات ينشد منها في الامتحان كل عام. . . ومع كل ذلك فلا تكاد تجد رسوباً في هذه المادة أيضاً، ومن الحق أن نذكر أن وزارة المعارف قررت كتباً لهذه المادة، ولكن الحق أيضاً أن نذكر أن عدداً قليلا جداً من يعني بالاستظهار والتفهم. .

وإن أكبر الضرر في هذا السوء الذي نشاهده في معاهد التعليم يرجع إلى اشتغال المتعلمين بالشئون العامة وإلى مصانعة الرؤساء لهم، واعتمادهم عليهم فيما يحاولون من أمور، فقد

<<  <  ج:
ص:  >  >>