للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أصبح الطلاب يعتقدون أن في يدهم الحل والعقد، وأنهم يستطيعون أن يقيموا وأن يقعدوا، وتراهم يتدخلون فيما يعنيهم وما لا يعنيهم

أنا لا ادعوا بطبيعة الحال إلى إبعاد الطلاب عن القضايا الوطنية الكبرى ولكن أدعو إلى أن يعرفوا حدودهم، ومدى ما ينبغي أن يتدخلوا فيه، وأن يكون للرؤساء ضمائر، وأعين بصيرة فلا يساعدونهم على الفوضى؛ ولا يستغلونهم في أغراضهم الشخصية، ولا يجعلونهم كالجماهير التي يقول فيها شاعرنا شوقي.

والجماهير مطايا المرتقى ... للمعالي وجسور العابرين

فإذا انتظم الطلاب في دروسهم وجدوا دراسة ضحلة لا تفيد علماً، ولا تنتج أدباً، وقد ظهرت في السنوات الأخيرة (مودة) جديدة كانت أضر على العلم من كل ما منى به، فقد لجأ أكثر المدرسين إلى تلخيص الكتب، وما على المتعلم بعد ذلك إلا أن يحفظ هذه القواعد القليلة حتى يجوز الامتحان، وكفى الله المؤمنين القتال. . تلك حال نشاهدها في الأزهر ونشاهدها في وزارة المعارف، ونشاهدها في المدارس العالية، والكليات.

في المدارس الثانوية كتب لا بأس بها في البلاغة العربية ولكن أكثر المدرسين لا يدرسون هذه الكتب، بل يعطون تلاميذهم ملخصات في كراسات يحفظونها ولا يتذوقون شيئاً من دراسة البلاغة، وفي مدرسة عالية همها تخريج مدرسين للغة العربية يترك الطلاب كتاب الأشموني ليقرءوا ملخصاً له وضعه أحد الأساتذة كأنهم في مدرسة ابتدائية ثم هم يمتحنون في هذا المختصر، وليس الشأن في الأزهر بأحسن من هذا فقد هجر الطلاب الشروح والحواشي واعتمدوا على المختصرات، لينعموا بما فيها من ورق أبيض صقيل، ومن اختصار يساعد على الحفظ وعلى الامتحان.

نعم إن بعض الكتب في حاجة إلى التهذيب والتنقيح، ولكنه ليس هذا التهذيب الذي يخرجنا من شر ليوقعنا في شرور، وليس أجدى على اللسان من هذه الدراسة المتعمقة، وإن احتاجت إلى كثير من الجهد والوقت.

ولقد دلتني مشاهداتي على أن للدروس الخصوصية أثراً بالغاً في ضعف التلاميذ، فقد أصبح مفهوماً عند أولياء الأمور أن التعاقد على درس خصوصي معناه التعاقد على نجاح التلميذ، ولعل من الطريف أن أذكر أني كنت مع أحد المدرسين في المدارس الابتدائية يوماً

<<  <  ج:
ص:  >  >>