فجاءه تلميذ يساومه على درس فقال الأستاذ للتلميذ: قل لأبيك أين لا أضمن نجاحك ثم عد، فخرج التلميذ وقال لأبيه، ولكنه لم يعد!!
ومع هذا الضعف الظاهر في اللغة العربية نجد أن النتائج فيها حسنة، حتى أصبح التلاميذ لا يرهبون الامتحان فيها، وبالتالي لا يعطونها العناية الكفاية، وإذا تطرقنا إلى الامتحانات فإننا نذكر - مع المرارة العميقة - أنها فقدت رهبتها في بعض دور التعليم، وكيف لا؛ والنتيجة في بعضها - مع هذه الفوضى - تبلغ ثمانين في المائة؟
أما دراسة اللغات الأجنبية في المدارس فتنال أكبر قسط من العناية، ولا شك أن هذا سبب ظاهر في ضعف التلاميذ في اللغة العربية.
فليس عجيباً بعد كل هذا أن نرى المتخرجين ضعافاً، لا يكادون يقيمون ألسنتهم وأن نفقد فيهم النبوغ والعبقرية، وأن ننادي أولياء الأمور بأن الإصلاح في أيديهم وهم عليه قادرون، وأن الدعوى بأن اللغة العربية عسيرة تحتاج إلى تسهيل، ومعقدة تحتاج إلى تيسير، إنما هو هروب من الحقائق الدامغة التي لا يجهلها أحد ممن يتصلون بشئون التعليم.
لتكن العناية بدروس المطالعة هم المدرس والتلميذ وليكن الإشراف عليها إشرافاً صحيحاً حازماً، ولتعط ما هي جديرة به بين العلوم من جهد ووقت ورعاية، وليفهم كل تلميذ أن أول واجب عليه أن يقرأ قراءة مستقيمة، وأن اللغة العربية هي مجده ومجد آبائه، وليلزم التلاميذ في كل معاهد التعليم بقسط كبير من مأثور العرب يحفظه في كل عام، ويمتحن فيه، ويسأل التلميذ في الفرق العالية عما في محفوظه من أسرار بلاغية، ومزايا أدبية. .
وعلى الرؤساء أن يواجهوا الأمور بصرامة وحزم فيأخذوا البري بالمجرم حتى تستقيم قناة الجميع، ولا نكون متعنتين إذا طالبنا وزارة المعارف بأن تحرم الدروس الخصوصية على كل مدرسيها مهما كانت الأسباب الداعية لذلك، كما تطالب المدرسي بأن يدرسوا الكتب المقررة، وأن يزيدوا عليها، وأن يدعوا هذا التهوين من شأن اللغة العربية وآدابها. . . حينئذ نقف في أول الطريق لنمضي إلى الغاية، وسنبلغ الهدف إن أخلصنا لواجبنا، وراعينا حق الله والوطن واللغة في هؤلاء الأبناء.