للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة العلم]

العالم اليوم

للدكتور محمد محمود غالي

تقدم الرسالة إلى قرائها الدكتور محمد محمود غالي محررها العلمي، وهو يحمل ألقاباً شتى في الطبيعة والرياضة، أهمها دكتوراه الدولة في العلوم الطبيعية بأعلى درجات الشرف من السوربون، وهي أسمى ألقاب الامتياز العلمية التي تمنحها جامعة باريس. وهذه الدرجة لكلية العلوم كالاجريجاسيون لكلية الحقوق؛ والدكتور غالي أول مصري نال هذه الدرجة. وله أبحاث قيمة أنفقت عليها السوربون ومعهد باستور مبالغ طائلة، ولعلنا نعود إلى شرحها في فرصة أخرى. وهو يرسم إلى قرائه في مقال هذا العدد المنهاج الذي سيسير عليه في عرض الحقائق العلمية والتطورات الفكرية. والرسالة وقراؤها يغتبطون كل الاغتباط بانضمام هذه الثروة العلمية العظيمة إلى ثرواتها الأخرى التي تنتجها العقول الجبارة في كل باب

(المحرر)

يا ترى هل نستطيع أن نرجع بخيالنا إلى أول عهود الإنسان لنتصوره في حالته الفطرية وحياته البدائية؟ - إن القردة اليوم لا تحاول في غاباتها أن توقد ناراً، وهي مع ذلك تتناسل وتستنشق الهواء الصافي وتمرح بين الغدران والجداول تطفئ ظمأها، وتختار من صنوف الطعام ما يشبع جوعها، ومع ذلك فإن لنا أن نتصور أننا كنا مخلوقات لا تفوقها في الإدراك ولا تزيد عليها في المعرفة. ومهما رجعنا إلى التاريخ المنقوش على الحجر الصلد أو المسطور على أوراق البردي، فمن البديهي أننا لا نصل إلى تحديد الزمن أو الحالة التي كان عليها هذا الإنسان البعيد، بل نصل إلى تاريخ قريب لا يتجاوز مائة من القرون، فنرى إنساناً قديماً في مداركه عريقاً في معارفه، وأن الطوبة وقد اخترعها أمحوتب مهندس زوسر باني هرم سقارة (إذا كان هو مخترعها حقاً) تدعو للإعجاب. وكيف لا نعجب له حين عرف أن يشيد من اللِّبن أو الحجارة أشكالاً منتظمة وأشكالاً ذات طول وعرض وارتفاع فيها كل هندسة أقليدس؛ أشكالاً استعملها في بناء سقيفة من الطوب أو حجرة تقيه الشمس إذا اشتدت، والبرد إذا قرس، والمطر إذا انهمر

<<  <  ج:
ص:  >  >>