لابد أن يكون لنا مسرح إذا أردنا أن نُدخل الأدب المسرحي في الأدب العربي، وسوف يظل الأدب العربي في مؤخرة آداب العالم ما لم يدخله الأدب المسرحي، ذلك الأدب الذي يشغل النصف وأكثر من النصف من آداب الأمم الحية التي تفرض نفسها وثقافتها وفكرها على غيرها من الأمم، وهي إنما تتم لها تلك السيطرة الذهنية بما يبذل أدباؤها المسرحيون من إنتاج عجيب لا يعرف الكسل، ويأبى إلا أن يعطي أكثر مما يأخذ، بل هو في الغالب يعطي كثيراً ولا يأخذ شياً. . .
وإن لم يكن بد من أن يكون لنا مسرح فليس الشعب وحده هو الذي يضع دعائمه، وليست الحكومة وحدها هي التي تضطلع بكل شيء فيه، وليست جهود الأفراد المتواضعة هي التي تكفل قيام هذا الصرح الذي نريد أن يكون رمز نهضتها كما هو رمز نهضة تلك الأمم التي تكتسح آدابها - عن طريق السينما والمسرح والكتب - حياتنا المصرية خاصة، وحياة الأمم العربية على وجه العموم. . . بل يجب أن تتضافر الجهود جميعاً في إنشاء هذا المسرح، على أن تكون القيادة العليا بيد الدولة مؤقتاً، وعلى أن تكون تلك القيادة العليا قسمةً بين وزارتي المعارف العمومية والشئون الاجتماعية. . . قسمةً في الاختصاص، وليست قسمة في الهدف؛ فتنشئ وزارة المعارف المعاهد الكثيرة للتمثيل لتمد وزارة الشئون بمن تحتاج إليهم من الممثلين والمخرجين ومصوري المناظر ومهندسي الإضاءة وغيرهم ممن تفتقر إليهم مسارحها التي يجب أن تنشئها في طول البلاد وعرضها لتثقيف الشعب وتهذيبه، ولنشر الدعايات الوطنية والأخلاقية التي ينبغي بثها في طبقاته
لقد آن الأوان لإصلاح الغلطة الكبرى التي وقعت فيها إحدى الوزارات الانقلابية الرجعية السابقة. . . تلك الوزارة التي سوغت لها التقاليد التي كانت تحرص عليها في جهل هو أقبح من العمى فألغت معهد التمثيل، وحرمت بذلك نهضتنا من الممثل المثقف الذي هو المادة الأولى للحياة المسرحية
لقد آن لنا أن ننظر إلى المسرح نظرة فيها جد وفيها احترام وفيها تقدير للرسالة التي يقوم