عبد الفتاح السرنجاوي، عمر الدسوقي، عبد العزيز عبد المجيد
انتشار الإسلام في غربي آسيا
أما القبيلة التي افتخر ذلك الشاب بانتسابه إليها فهي إحدى تلك القبائل التي اختارت أن تظل على المسيحية، بينما دخل في الإسلام غيرها من القبائل التي كانت تقطن ما بين النهرين كقبيلة بني نمير وبني قضاعة، وكانت قبيلة بني تغلب قد أرسلت من قبل وفداً إلى النبي (ص) في سنة ٩ هـ، فأسلم مشركو هذا الوفد وعقد الرسول (ص) تحالفاً مع المسيحيين منهم الذين استبقى لهم عقيدتهم القديمة على ألا يُعَمِّدوا أطفالهم بعد ذلك. وقد حدا هذا الشرط الذي يخالف تماماً ما عهد عن محمد (ص) من صفات التسامح مع العرب المسيحيين الذين سمح لهم أن يختاروا إما الدخول في الإسلام وإما دفع الجزية، ولم يكرهوا مطلقاً على ترك عقيدتهم، قد حدا هذا الشرط إلى الظن بأنه شرط اقترحته العشائر المسيحية نفسها من بني تغلب بسبب عوامل اقتصادية. غير أن بقاء المسيحية مدة طويلة في هذه القبيلة دليل على أن هذا الشرط لم يعمل به. وقد نهى الخليفة عمر ابن الخطاب عن استعمال أي ضغط عليهم أو إكراههم على الإسلام حينما ظهر أنهم غير راغبين في هجر دينهم القديم، وأمر أن يتركوا في أمن ليزاولوا شعائره على ألا يعارضوا في دخول أي فرد من أفراد قبيلتهم حظيرة الإسلام، وألا ينصِّروا أطفال أولئك الذين أسلموا. وقد طلب إليهم أن يدفعوا الجزية، أعني ما فرض على غير المسلمين من الرعية؛ غير أنهم شعروا أن دفع هذه الجزية شائن لفخرهم القَبلِّي، لأن هذه الجزية قد فرضت نظير حماية الأرواح والأموال، ورجوا الخليفة أن يسمح لهم بأن يدفعوا من الأموال كما يدفع المسلمون، ولهذا دفعوا بدل الجزية كفلاً من الزكاة - أو الصدقة - التي هي مال فرض للفقراء من عقار المسلمين ومواشيهم. نعم تضجر المسلمون حقاً أن تبقى قبيلة عربية محافظة على العقيدة المسيحية. وقد أسلم أغلب بني تنوخ سنة ١٢ هـ حينما خضعوا لخالد بن الوليد مع