وقفت (في عدد مضى) عند فئة من السلف القريب، الذين كانوا في مقدمة المنشئين للنهضة الأدبية (في فلسطين)، والذين نعتبرهم الطليعة المغامرة في هذا الميدان. وفي (ما بين يدي) أتابع ما تقدم بان أقول:
ويأتي بعد أولئك الأعلام الذين ذكرت، جماعة قفوا على أثارهم، وساروا على غرارهم، فكانوا أساتذة الأدب المبدعين. أنتجوا فيه خير انتاج، فكثر مقلدوهم بين شبابنا المتأدبين. وما يزالون إلى اليوم خير أسوة يؤتسى بها. ولو ذهبت أتحدث عنهم مفصلا لضاق بي المجال، مهما رحب، فهم (بحمد الله) في غير قلة، وآثارهم اكثر من أن يشملها صعيد محدود. ولكنهم (من حيث الاختصاص) يكادون يسلكون مسلكا عجبا! فالأديب منهم لا يبعد أن يكتب في شؤون التربية أو التاريخ، والشاعر لا يبالي أن يكتب في العلوم أو السياسة، والمؤرخ لا يتورع أن يكتب في علم اللغة وآدابها. . . ومن هنا تشابه الأمر علي واختلط، ورأيتني ملزما على أن أتجوز في معنى الادب، فأسلك في عداد الأدباء كل من ساهم في ناحية من النواحي الثقافية، التي قامت عليها النهضة الأدبية الحاضرة وأعتبر هؤلاء الأدباء (على اختلاف مواضيع إنتاجهم) في فئتين، فريق في (أهل النثر) وفريق في (أهل النظم).
وسوف أتجنب (التفصيل والتطويل) في تراجم من أقدم بعض آثارهم علما مني أن ذلك لا يعدو كونه مهادا يستقر خلف المنحى الذي أهدف إليه، وتكاد - إلى حد ما - لا تربطنا به علاقة مباشرة.
ثم إنني سأقتصر على ذكر من تركوا آثارا أدبية - مخطوطة كانت أم مطبوعة - ممن تعرفت إليهم أو (وصلتني) آثارهم. فأبدأ بأعلام الفريق الأول وهم (الناثرون) فأذكر منهم:
الأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي (المقدسي) وهو شيخ الادباء، (وأديب العربية الأكبر) من