درس في الأخلاق - الكتاب الأسود - زكي مبارك كما يراه عباس العقاد - الطبيعة المصرية - الترجمة عمل مطلوب ومفيد، ولكنها لا تدل على الأصالة الذاتية
درس في الأخلاق
صديقي. . .
أوجه إليك هذه الكلمة، وأنا أرجو أن تقرأها فيما بينك وبين نفسك، بلا تفكير في التعقيب، لأني لن أستمع لك إن قابلتها بأي اعتراض، فما يتسع وقتي للمجادلة في أمور صارت عندي من البديهيات
وأسارع فأقرر أني لا أقيم وزناً للتشكي من الزمان، على نحو ما يصنع بعض الشعراء، وعلى نحو ما كنا نصنع يوم كنا نتوهم أن الحظوظ تقسم بلا ميزان
أنا اليوم أومن بأن لله قانوناً اسمه النظام، وهو يطرد في جميع الشؤون، فالشمس بنظام، والقمر بنظام، وجميع الخلائق بنظام يفسده أقل اختلال
لا يتقدم متقدم ولا يتأخر متأخر إلا وفقاً لقوانين أزلية لا يجوز عليها الانحراف
السيد سيدٌ بحق، والعبد عبدٌ بحق. . . ولو حمل الهرُّ روح الأسد لصاوله في حومة الصراع بلا تهيب ولا إشفاق
نحن المسئولون عن تخلفنا حين نتخلف، لأن في مقدورنا أن نصل إلى أعظم مكانة إن تحلينا بالصدق في الجهاد، ولأن في استطاعتنا أن نكون عظماء يشغلون التاريخ، إن ناضلنا في سبيل المجد نضالاً يقرع سمع التاريخ
وهذا لا يتيسر إلا إن راعينا نظام الوجود
ذلك السائل لا يستحق غير ذل السؤال، لأنه يخمد قواه عن عمد ليظفر بالصدقات العجاف
وذلك البليد الذي رضي أن يكون طول عمره من الذيول سيظل ذيلاً لأنه بليد. . . وذلك التابع السخيف لمتبوعين سخفاء لن يصلح لشيء، لأنه يستظل بأموات يعيشون في ظلال الأموات. . . وذلك الذي يتبهنس بفضل حماية غيره لن يرتفع بأي حال، وإن استعان بطنين الذباب