كان الداعي إلى هذه الرحلة، رغبة الشيخ مصطفى البكري في زيارة بغداد فيقول في مقدمة رحلته (كان كثيراً ما يختلج في بالي، فيهيج أشواقي وبلبالي، زيارة بغداد ورجالها الموالي. فأصد عن الشرب من نهر دجلتها وقربانه، والغرام يزيد إلى علم الشرق الفريد وصاحب المذهب المذّهب السعيد والكاظم وولده الوحيد، السامي كل منهم على أقرانه، وغيرهم من أعيان، أرباب عيان) الخ. . ويخص من الأعيان سلطان الأولياء سيدي عبد القادر الجيلاني، وكان قد انتسب إلى طريقته وتراءى له في المنام فعزم على التوجه إلى حلب ومنها إلى بغداد، ولكن زوج والدته منعه من ذلك مخافة الحر، وخشي تعرض العربان له بسوء. فعدل عن زيارتها، ورأى أن يتوجه من حلب إلى زيارة مقام سلطان الزهاد إبراهيم بن أدهم في جبلة ومنها إلى طرابلس الشام فبيروت فبيت المقدس. وكان رفيقه في الطريق السيد مصطفى بن عبد الرحمن المنيني وأخاه لامه أحمد.
وقبل ما تحرك خاطر الشيخ، لتلك المنازل العواطر، سأل الشيخ أحمد، فكاشفه قبل الاستشارة وصرح وما اعتنى بالإشارة. وجاءه في هذه الأثناء الأخ الشيخ مصطفى بن عمر الخلوتي وطلب للولد القلبي إسماعيل الحرستاني بالدعوة والإرشاد، ولبس الكسوة على المعتاد، فأذن له.
ثم كرر الشيخ الاستخارة في السير، موقع الإذن بالمسير يوم الجمعة لعشرين خلت من شهر رجب سنة (١١٢هـ - ١٧١٥م) فتوجه وبات في قرية (القصير) ورافقه بعض الإخوان مودعين ثم سار إلى أن وصل (القُطيفة) ومنها إلى (قارة) ومنها إلى (النَبْك) المشتية أهلها فيها والمصيفة، ثم إلى (حسية) ومكث يومينومنها إلى حِمْص وهو بلد يذكر ويؤنث. وأقام في جامعها الكبير، وزار من بعيد مقام خالد بن الوليد، مات بحمص سنة