للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الأحلام]

للفيلسوف الفرنسي هنري برجسون

بقلم الأستاذ ألبير نادر

السرعة التي تسرد بها بعض الأحلام تبدو لي كأنها نتيجة أخرى لنفس السبب: الحلم يمكنه أن يقدم لنا في بضعة ثوان مجموعة حوادث تتطلب أياماً عديدة لتتحقق في حالة اليقظة. كتب الفريد موري في هذا الصدد يقول: (كنت نائماً في حجرتي ووالدتي على قمة السرير. حلمت بالثورة وكنت أشاهد حوادث الذبح ثم مثلت أمام محكمة الثورة، ورأيت روبسبيير ومارا وفوكييه تنفيل. . . أخذت أجادلهم، ثم حكم علي بالإعدام وقادوني في عربة إلى ميدان الثورة - صعدت إلى المقصلة وربطني الجلاد على اللوح ثم دفعه والمقصلة هبطت علي؛ فشعرت بأن رأسي قد انفصل عن جسمي واستيقظت وأنا في حالة بأس شديد وشعرت بسهم السرير فوق عنقي، وكان هذا السهم قد انفصل من موضعه ووقع على فقرات عنقي مثل ما تقع مقصلة المشنقة على العنق - حصل هذا في الحال كما أثبتته لي والدتي. فأنا اتخذت هذا الإحساس الخارجي بداية لحلم تعاقبت فيه حوادث متعددة. أهـ (من كتاب موري: النوم والأحلام). ومهما يقل عن ملحوظة موري هذه في أيامنا الأخيرة فأنا أراها ممكنة التحقيق، لأني وجدت حوادث مماثلة لها في أدب الأحلام - وتوالي الصور السريع هذا ليس بأمر قريب، فإن صور الحلم تكون بنوع خاص صوراً بصرية. والمحادثات التي يظن الحالم أنه سمعها تنظم وتتم وتتضخم غالباً عند اليقظة. وربما لا تكون صور الحلم سوى فكرة المحادثة فقط أو معناها الكلي الذي صاحب الصور. فجمع كبير من الصور البصرية يمكنه أن يبدو دفعة واحدة على شكل منظر، وبذلك لا يحتاج إلا لبضع لحظات. فلا تدهش إذا جمع الحلم في بضع لحظات ما يتطلب عدة أيام أثناء اليقظة. إن الحلم يرى الشيء مصغراً فهو يعمل كما تعمل الذاكرة. في حالة اليقظة يلزم الذكر البصرية التي تعبر عن الإحساس البصري؛ ومن ذلك ينتج سرد الحوادث وهو يدوم بقدر الزمن الذي يدومه هذا الانطباق. وبالاختصار يدوم إدراك الحوادث الخارجية تماماً قدر ما تدوم هذه الحوادث. لكن في الحلم تكتسب الذكرى المعبرة عن الإحساس البصري حريتها، وعدم استقرار الإحساس البصري يجعل الذكرى لا تنطبق عليه. ووتيرة الذاكرة المعبرة لا

<<  <  ج:
ص:  >  >>