[رسالة الشعر]
آلام شاعر!
للأستاذ إبراهيم محمد نجا
ألم يكفها أني تركت لها غدي ... وشيعت أمسي، ثم ضيعت حاضري؟
ألم يكفها بأسى وحزني وحيرتي ... وضيعة أيامي، ولوعة خاطري؟
فجاءت تعري روضتي من غصونها ... وتنثر فوق الأرض غض أزاهري!
وتملأ لي كأسي من الهم والضنى ... فتفعل بي فعل السهاد بساهر
كفى ألما بعدي عن الناس كلهم ... وكثرة أعدائي، وقلة ناصري!
كفى ألما أن أترك اليوم ظامئا ... أفتش عن نبع من الماء زاخر!
ويرجع كل الناس نحو ديارهم ... وامضي شريدا مستطار المشاعر
أهيم على وجهي كأني مطارد ... من الدهر، أو جان على كل سائر
لقد كنت أخفي هم نفسي، فها أنا ... أهتك أشعاري، وأبدي سرائري!
أنا الشارد الهيمان! عفت إقامتي ... وسرت كطيف شارد الخطو نافر
أنا الشارب الظمآن! تهتز أكؤسي ... بدمع المآسي، لا بخمر المعاصر!
أنا الشاعر السأمان! حطمت معزفي ... وأصغيت في يأس لبوم المغاور
تمر على قلبي الليالي كأنها ... مواكب أشباح سرت في مقابر
وتبدو لعيني الأماني كأنها ... تصاوير جن، أو تهاويل ساحر
فإن جئتها أبغي لقلبي راحة ... لديها، تعد كالعثير المتطاير
أليس لقلبي أن يعيش منعما ... يغرد في الآفاق تغريد طائر؟
أكل حياتي لوعة وكآبة ... وأحلام محروم، وأوهام شاعر؟
أكل حياتي لهفة وصبابة ... وآلام ظماآن؛ وأحزان حاشر!
فهمت أضاليل الحياة فعفتها ... كما عافها من قبل أهل البصائر
وعشت كأني ضارب في مفازة على ظمأ مر، وخوف مخامر
أنام على يأس قديم مساور ... وأصحو على يأس جديد مبادر!
إذا هدأ الليل الرهيب أثارني ... وذكرني عهد الليالي الغوابر