للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أثر المرأة في علي محمود طه]

للأستاذ إدوارد حنا سعد

الحرمان من المرأة - كدافع نفسي - ليس خيراً في ذاته ولا شراً؛ ولكن الخير أو الشر إنما يتعلقان بالوسيلة التي يتبعها لإشباع رغباته: وهو في الفن خير محض لأنه كان نبعاً فياضاً استقى منه الملهمون وخرجوا على الناس بذخائر خالدة على الزمن

والأدب المصري مدين للحرمان بنبوغ الشاعر الرقيق الأستاذ علي محمود طه، فقد لمس نفسه الحساسة فأذكى شاعريتها ومرَّ على قيثاره الشاجي بأعذب الألحان

على أنه مما يلفت النظر في الأدب المصري المعاصر ذلك التباين الواضح بين ضآلة أثر الحرمان في نتاج الأدباء المعاصرين ممن نسميهم شيوخ الأدب. . . وعمقه ووضوحه في نتاج الطائفة التي تأخرت عنهم في السن أو تاريخ الظهور الأدبي، ومرجع ذلك فيما أعتقد إلى تحجب المرأة قبل الحرب الماضية، ثم ثورتها على الحجاب يعيد تلك الحرب، واشتراكها في كثير من مناحي الحياة الاجتماعية

قد ينشأ الحرمان عن خيبةٍ قوية في حب قوي فيكون من أثره ولوع صاحبه بإعلان عدائه للمرأة، فإذا وجد أن في ذلك منافاةً لما درج عليه الناس اندفع بطريقة لا شعورية إلى تسفيه الآراء الشائعة والتعالي بقيمته الذاتية. وأثر هذا الضرب من الحرمان شديد الوضوح في الأستاذ توفيق الحكيم عدو المرأة وصاحب الرأي المعروف في تفضيل الجاهلة على المتعلمة كزوجة، وكاتب المقال الذي يقول فيه إن الزواج من أربع نساء أمر تحتمه الطبيعة، وذلك حين رأى التفكير متجهاً إلى سن تشريع يمنع ذلك إلا عند الميسرة وضمان العدل بين الزوجات. ثم يقول عن نفسه إنه (خالق)، وعن الأشخاص الذين يصورهم في قصصه إنهم مخلوقاته، ويقول عن أحد قرائه (زارني هذا الطبيب الفاضل ثلاث مرات دون أن يحظى برؤيتي)

وقد يكون الحرمان ناشئا عن خيبة في إنشاء علاقات غرامية في فجر الشباب، فيولع صاحبه بالتحدث عن علاقات غرامية موهومة أو مبالغ فيها؛ وقد يصدر كتاباً - كما فعل الأستاذ الصاوي - يتحدث فيه عن حياة قلبه وتكون عناوين فصوله:

(وأما السابعة. . . وأما الثامنة. . . وأما التاسعة)

<<  <  ج:
ص:  >  >>