وقد يولع الشاب بفتاة من طبقة معينة ولا تستجيب لغرامه فيكون منه قصصي كالأستاذ محمود كامل معظم بطلات قصصه من خريجات المدارس الفرنسية، وكلهن من بنات الباشاوات وعلى الأخص كبار الضباط المتقاعدين. ولكل فتاة من هؤلاء محب يُشترط فيه أن يكون محامياً له إلى جانب مهنته شهرة أدبية أو فنية وله سيارة صغيرة يقودها بنفسه
هذه المقدمة لازمة لكي نفهم منها فهماً واضحاً أثر المرأة في الأستاذ علي طه، ففي نفسه الشاعرة رواسب من حب خاب، وعلاقات فشل في إنشائها، وطبقة لم تلتفت إليه بناتها هي على الأغلب طبقة الفنانات. هذه الرواسب كونت منه رجلاً فيه من توفيق الحكيم بعض تعاليه، وفيه من الصاوي بعض تفاخره، وفيه من محمود كامل اهتمامه بطبقة معينة تبدو من كثرة حديثه عن مخادع المغنيات والراقصات
وقد امتزجت هذه العناصر وتفاعلت فإذا به في شعره - وقد يكون في حياته الخاصة - زير نساء يطلب المرأة لأنها إحدى النساء، وليس بعاشق يميز امرأة واحدة من دون النساء
والمفروض في زير النساء أنه رجل مستهتر، قوي، كثير التنقل بين (الحبيبات)، مشغول البال بالمرأة، شديد الالتفات إلى نواحي جمالها وزينتها، محبوب منها وأنيق
وكل هذه الصور واضحة في شعر علي طه ونثره أشد وضوح فهو مستهتر لا يبالي أن يقول:
حلفتُ بالخمر والنساء ... ومجلس الشعر والغناء
أو يقول:
فاعذري الروح إن طغى ... واعذري الجسم إن ثأر
ثمر ناضج الجني ... كيف لا نقطف الثمر
وهو رجل قوي، استغفر الله بل فتىً قوي، يقول عن زملائه ركاب السفينة (كانوا يعجبون من هذا الفتى الأسمر الذي يقتحم غرفة المائدة ليملأ معدته بالطعام بينما هم مستلقون على ظهورهم من دوار البحر أو ممسكون بمعداتهم من الألم والاضطراب!)
ويقول:
الثلاثون قد مضت ... في التفاهات والهذر
فهذه الصورة قد تتفق مع صورة دون جوان، ولكنها قد لا تتفق مع الحقيقة. ففي مقال