الأستاذ الزيات عن أرواح وأشباح يقول:(وبين اللقيا الأولى للصديق والقراءة الأخيرة للشاعر إحدى وعشرون سنة). (وكان إذ ذاك في إبان شبابه وكنت في عنفوان شبابي) ومن هذا يتضح أن لفظة (الثلاثون) هذه لم تأت إلا لضرورة الشعر
ثم هو رجل كثير التنقل بين الحبيبات، فهو في الجندول مع البولونية الحسناء، وهو في بحيرة كومو مع الأديبة الأمريكية الفاتنة، وهو على الرين مع (صديقة سويسرية التقى بها في ذلك الجو الساحر الخ. . . وهذا بالطبع عدا عذارى وادي النخيل وقاهرياته الغرر
وهو مشغول البال بالمرأة يغازلها في كل مكان؛ وقد يغازلها وإلى جانبها زوجها (الليلة الأولى في أرواح شاردة) وكتبه كلها فياضة بهذا الاهتمام الذي يقيمه ويقعده؛ ولكني أود أن ألفت النظر إلى نشيده الأفريقي (عودة المحارب) الذي يقول فيه:
حين ألقى زوجي على باب كوخي ... وأناغي على ذراعيّ طفلي
فهذا التصوير الصادق للقلب الظمآن إلى حنان الأسرة لم ينج من سمادير الاهتمام بالمرأة على العموم، ذلك الاهتمام الذي يملأ قلب الشاعر، فيقول على لسان ذلك المحارب العائد إلى زوجه وطفله:
يا عذارى القبيل انتن للمجد (م) ... على عفةٍ صواحب بذل
حسبُ روحي الظامي وحسب جراحي ... رشفةٌ من عيونكن النجل
وابتساماتكن فوق شفاهٍ ... بمعاني الحياة كم أومأت لي
وصحيح أن البطل العائد يسر بالحفاوة التي يلقاها من قبيلته رجالها ونسائها، ولكن لعل حفاوة الرجال به أبعث لسروره، وأقدح لمكامن الزهو في نفسه.
ونستطرد في توضيح الصورة التي أوجزناها في مقدمة حديثنا فنقول إن التفاته إلى نواحي الجمال في المرأة كثير في شعره ونثره إلى درجة أستبيح لنفسي معها أن أغفل إيراد الشواهد عليها، والتفاته إلى زينتها دقيق (صففت شعرها على طريقة القرن الثامن عشر، وقصت جانبيه على طريقة القرن العشرين) ويقول عن أخرى إنها (ارتدت زي القرويات من سكان الأديج الأعلى وغطت رأسها بمنديل احمر موسوم بصور متناسقة لزهرات برية)
أما أنه محبوب من المرأة فشواهد ذلك كثيرة في دواوينه وكتبه وأجتزئ هنا بمقتطفات من حديث نشره بمجلة الاثنين عن ذكريات الصيف، تحدث فيه عن جارة له في الفندق قابلته