[٣ - ابن قلاقس]
٥٣٢ - ٥٦٧هـ (١١٣٨ - ١١٢٢م)
- ٦ -
لابن قلاقس ديوان شعر يحدثل جامعه أول ما يحدثك أن هذا الشعر
ليس كل شعر ابن قلاقس، لأنه حذف منه ما لا يليق بهذا الشاعر من
غث القول وسخيفُه، وهي فكرة خاطئة تضر بتاريخ، ولا تفيده؛ إذ من
الخير لنا أن نرى جميع مظاهر التفكير للشاعر، سواء أكانت جيدة أم
غير جيدة، غير أننا اليوم وقد ذهب ذلك الشعر الضعيف، ليس لنا إلا
أن نتحدث عن هذا الشعر الذي بين أيدينا، وأهم ما يميزه خصائص
ثلاث: أولها الغرابة في كثير من الأحيان، تلك الغرابة التي تستدعي
منك مزيد العناية والاهتمام، فأنت إذ تقرأ شعره لا تقرأه مارا عليه أو
مسرعاً في تلاوته، ولكنك تقرأ محترساً منتبهاً، موجهاً كل همك إلى
تفهم ما يريده، وفهم ما يقصده؛ ولست أدعى أن ذلك محمدة في الشعر،
أو فضيلة بها يمتاز، ولكنني أزعم أن الذي أوقع شاعرنا فيها هو
غرامه الذي لا حد لله بالمحسنات اللفظية والجمالي البديعي، مما
يدعوك إلى أن تقرأ القصيدة مرة ومرة حتى تفهمها، وتدرك سر
معناها، على أنه لم يكن في كل شعره كذلك، بل هو في كثير من
الأحيان يترقرق عذوبة، ويسيل لينا ولطفاً، واستمع اليه يقول:
كان الشباب الغض ليـ
_ لا فاستنار الشيب فجرا
ولئن تقلب بي الزما