ميل وكذا أبو الفدا فقد ألفيته فيما كتبه شريفاً مترفعاً عن الهوى وليس هذا بالكثير على ذلك الملك المؤرخ. اما دحلان فيريد ان يقول لنا ان لمجيء التتر اسباباً كثيرة، من اعظمها رسالة الوزير لهلاكو ولكن ما يؤسف له انه لا يذكر سبباً واحداً من هذه الأسباب الكثيرة. أما أنا فلا أعتقد أن وصية الوزير ان ثبتت هي التي جاءت بالتتر وحدها، وإنما قد تكون عاملاً قوياً في تسهيل الاغارة على بغداد، وآسف أني لا أعرف الكافي عن تاريخ التتر ليتسنى لي تعداد بعض الاسباب التي حفزتهم لشن غارتهم الشعواء، واخيراً وبناء على ضعف حجة وكيل الدفاع ابن الطقطقي وتكانف بقية المصادر - على ادانة الوزير - أراني مضطراً اضطراراُ علمياً سليماً من الغاية، وبعيداً عن الهوى، ومبنياً على ما أوصلني اليه استقصائي أن أرجح غدر الوزير بدولته وخليفته متبعاً في ذلك ابن خلدون بأن ذلك وقع على يد ابن الصلايا الذي يظهر انه اتصل بالتتر فحسن لهم مهاجمة بغداد بشتى الطرق، وذلك بعد أن ضاق الوزير ذرعاً بالدوادار وولي العهد واشياعهما السنيين وبعد أن قاست الشيعة نكبات وويلات وفضائح في العرض وخسائر في المال أخرجت الوزير عن تعقله، وجعلته يتناسى كل شيء في سبيل الانتقام أولا وانقاذ الشيعيين ثانياً، فلم يجد امامه أوفق من الاستعانة بالمغول الذين لم تكن بغداد غريبة عن الاستعانة بهم، فقد سبق للخليفة العباسي أن استعان بجنكيز خان على شاه خوارزم، وقد أصاب بغداد من جراء استغاثة الوزير بهلاكو ما أصاب المشرق وبخارى يوم استعان الخليفة بجنكيز على الشاه.