للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أيدمر المحيوي]

تتمة للأستاذ أحمد أحمد بدوي

أما الوصف في شعر شاعرنا فهو وإن كان غير مقصود له بالذات يحدثنا كذلك عن بعض نواحي الحياة المصرية، وبعض الجمال فيها، يحدثك عن الطبيعة المصرية في زمن الربيع، فيصفها وصفا دقيقا، ويحدثك عن الاحتفال بوفاء النيل، فيصفه كأنك تراه، ويصف لك الأبنية التي بناها الملك الصالح فيجعلك تشعر بالعظمة والأبهة اللتين تمتعت بهما تلك الأبنية. ويصف لك الجيش المصري فتحس بالمجد المصري والقوة المصرية والشجاعة المصرية التي لا تنثني عن قصد ولا تهزم أمام حصن مهما كان عظيما. قال يصف الجيش المصري الذي فتح دمشق:

جيشا تغص به الأرض الفضاء كما ... تراكم الغيم يوم الدجن ذا زجل

من الكماة التي تطوى ضلوعهم ... على العزيمة والاقدام، لا الفشل

من كل أمضى من الهندي في يده ... عزما، وأنفذ إقداما من الأسل

يكون أثبت يوم الروع من جبل ... راس، وأجول في الصفين من مثل

ولننصت إليه حين يصف لنا الاحتفال بوفاء النيل، وكأنه يصف لنا الاحتفال الذي لا نزال نراه بأعيننا في كل عام، قال:

يوم تجلى الدهر منه بزينة ... لما غدا المقياس وهو مخلق

هو ثالث العيدين إلا أنه ... للهو، ليس على العبادة يطلق

جمعت لمشهده خلائق غادرت ... فيه رحيب البر، وهو مضيق

وعلى عباب البحر من سباحه ... أمم يغص بها الفضاء، ويشرق

كادت تبين لهم على صفحاته ... طرق، ولكن يفتقون ويرتق

ثم مضى يصف الأنوار، ويصف المليك تحف به حاشيته إلى آخر ما وصف به ذلك اليوم، فإذا أنت ذهبت تستمع إليه، وهو يحدثك حديث إبداع عن طبيعة مصر في الربيع سمعته يقول:

الروض مقتبل الشبيبة مونق ... خضل يكاد غضارة يتدفق

نثر الندى فيه لآلئ عقده ... فالزهر منه متوج، ومنطق

<<  <  ج:
ص:  >  >>