إذا تسامحت كثيراً يمكنني أن أقول إن سيوة في مبانيها ومنازلها وصوامعها تعادل في تفصيلها وشكلها أحقر قرية من قرى وادي النيل. فالمنازل في تلك الواحة تبنى بقطع من الملح والطين بغير نظام في البناء أو حفر لوضع الأساس في الأرض، بل إن البنّاء و (أسميه بناء على سبيل المجاز) إذا أراد أن يبنى منزلاً فانه يضع قطعة من الحبل يحدد بها أربع حوائط المنزل، ثم يبني بعد ذلك فوق سطح الأرض بقطع من الملح والطين بارتفاع متراً آخر وينتظر أسبوعاً ثانياً ثم يكمل البناء لسقف المنزل. وفي العادة أن الحجرات في سيوة لا يزيد ارتفاع سقفها على مترين ونصف متر أو ثلاثة أمتار، والحوائط يكون سمكها في نهاية ارتفاعها أقل كثيراً منه وهي قريبة من سطح الأرض، وتتكون الأسقف بعد ذلك من خشب النخيل، وطريقة ذلك أن يشقوا بالطول خشب بعض النخلات المتينة ثم يضعوا أنصاف النخيل فوق الحوائط ويسمونها (قناطر) ثم يضعون فوقها ألواحاً يقطعونها من النخيل أيضاً ثم يغطون هذه الألواح بالطين.
ولبعد الواحة وصعوبة المواصلات إليها لا يمكن للسكان أن يحصلوا على أخشاب ليصنعوا منها أبوابًا ونوافذ المنازل، ولذا فنوافذ المنازل الصغيرة، لا يزيد اتساع إحداها على نصف متر مربع، ويصنعون النافذة نفسها من خشب صناديق البنزين التي تحملها سيارات النقل معها، ولذا فالنافذة الصغيرة تعمل من أربعة مصاريع رغم صغير حجمها، وتتكون المنازل عادة من طابقين، وبعض الأغنياء يقيمون أمام منازلهم مظلات يجلسون تحت وقت الحر الشديد، لأنه من الصعب أن يتعرض إنسان لحرارة الشمس في سيوة مدة الصيف، إذ تصل درجة الحرارة فيها إلى ٤٨ سنتجراد، وتمتاز سيوة بدروبها الضيقة وحواريها المتعرجة المتلوية، حتى ارتبك مأمور البلدة كيف يضع أحد مصابيح الإنارة في إحدى الجهات لأنه وجد أن المصباح لن ينير إلا الموضع الذي هو فيه لكثيرة الالتواء والانحناء، ولأن المنازل متنافرة غير منسجمة الوضع.
وعدا ذلك فان جزءاً من القرية وهو الجزء الغربي مبني على صخرة ترتفع تدريجياً عن باقي القرية، ولذا تجد منزلين متقاربين يرتفع أحدهما عما يجاوره بما يقرب من ثمانية