للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من الأدب التركي]

الدرويش العازف

للأستاذ محمد يوسف المحجوب

في غُروبِ الشَّمْسِ، في اْلأفْقِ الْبَعِيدْ ... رَبْوَةٌ لاَحَتْ لِعَيْنِ النَّاظِرِ

مَنْ تُرَى يَمْشِي لَهاَ الْمَشْيَ الْوَئِيدْ؟ ... ياَ لَهُ تَحْتَ الدُّجَى مِنْ عَابرِ

صاَعِداً. . . في كَفِّهِ قِيثاَرُهُ ... يَمْلأُ اْلآفاَقَ بِالَّلحْنِ اَلْحنُونَ

مُفْرَداً. . . قَدْ عَافَهُ سُمَّارُهُ ... وَرَمَاهُ النَّاسُ طُراًّ بِاُلْجنُونْ

ياَ لَشَيْخٍ هَدَّلَتْ مِنْ شَعْرِهِ ... فَوْقَ فَوْدَيْهِ أَفاَعِيلُ السَّنينْ

اللَّيِالَي قَوَّسَتْ مِنْ ظَهْرِهِ ... وَالْعَوَادِي غَضَّنَتْ مِنْهُ اَلْجبِينْ

يَتَرَاَءى كُلَّ يَوْمٍ فيْ اْلأَصِيلْ ... في الْمُرُوجِ اُلْخضْرِ. . . في الْوَادِي اَلْخصِيبْ

يَصْعَدُ الرَّبْوَةَ لِلْكوخِ الضَّئيِلْ ... حَيْثُ يَأْوِى عِنْدَ مَا يَأْتِي الْغُرُوبْ

ساَرَ يَشْدُو لحْنَةُ اُلْحلْوَ الْبَدِيعْ ... وتبعثُ اَلْخطْوَ كالظِّلِّ النَّحِيليْ

وَالْمُرُوجُ اَلْخْضْرُ تُصْغِى وَالْقَطِيعْ ... وَالدُّجَى نَشْوَانُ بِالْعَزْفِ اَلْجمِيلْ. . .

وَبَدَا الْكُوخُ. . . فَوَلَّى فَجْأَةً ... وَاخْتَفَى فِيهِ، وَغَطَّاهُ الظَّلاَمْ

وَسَمِعْتُ الَّلحْنَ يَسْرِي خَافِتاً ... كأَنِينٍ مِنْ فُؤَادٍ مُسْتَهاَمْ

كاَنَ صَوْتاً هاَدئاً يُبْكِي الْقُلُوبْ ... صِيغَ مِنْ بُؤْسِ الّلياَلِي وَالدُّمُوعْ

رُحْتُ أُصْغِي، وَهْوَ يَشْدُو في لُغُوبْ ... يَسْكُبُ اْلأَلْحَانَ مِنْ ذَوْبِ الضُّلُوعْ:

(ياَ حُطَامَ الْمُنَى ... في الظَّلاَمِ الرَّهِيبْ)

(جِئْتُ أَشْدُو هُناَ ... فاَسْتَمِعْ لِلْغَرِيبْ)

(في يَدِي قِيثَارَةٌ مِنْ ذَهَبِ ... حَطَّمَتْهاَ كَفُّ دُنْياَيَ اَلْخئُونْ)

(لَمْ أَجِدْ الدَّهْرِ مَنْ يَحْفِلُ بِي ... قَدْ رَمَوْنِي - لَهْفَ نَفْسِي - بِاُلْجنُونْ)

(في يَمِينيِ عَازِفٌ يُمْتِعُنِي ... رَغْمَ مَا يَلْقَاُه مِنْ فِعْلِ الَّلياَلْ)

(لاَ أَرَى في النَّاسِ مَنْ يَسْمُعنِي ... حِينَ أَشْدُو، فاَسْمَعِي لِي ياَ جِباَلْ):

(يا طُيُورَ الرُّباَ ... ياَ عُيُونَ الزَّهَرْ)

(ياَ نَسِيمَ الصَّباَ ... ياَ غُصُونَ الشَّجَرْ)

<<  <  ج:
ص:  >  >>