[الحديث ذو شجون]
للدكتور زكي مبارك
أثواب الخطباء - لفتة أندلسية - تأثير البيئة - الوزراء
الأدباء - الدكتور طه حسين - النزعة الكلبية - صديقي فلان
- كيف نحب الريف - برج بابل - بريد العراق - العقد
الفريد - هل تصلح هذه الأيام لأغاريد الوجد والحنين؟
أثواب الخطباء
صح عندي بعد الاستئناس بمصادر كثيرة أن مسوح الرهبان كان لها تأثير في الوضع الذي صارت إليه أثواب الصوفية، لأن الترهب والتصوف قريبان جداً من الناحية الروحية، بغض النظر عن اختلاف الدين
ثم بقي النظر في اللون المختار لأثواب الرهبان وهو السواد، فهل تأثر به أحد من المسلمين؟ وهل كان السواد من علائم الرزانة في أوقات الاهتمام بعظائم الشؤون؟
وجدت شاهداً صريحاً في إيثار الخطباء للثياب السود، وهو ما أنشد المقدسي على لسان غراب البين، أبعده الله:
أنوح على ذهاب العمر مني ... وحقٌ أن أنوح وأن أنادي
وأندب كلما عاينت راكباً ... حدا بهمُ لوشْك البين حادي
يعنفني الجهول إذا رآني ... وقد ألبست أثواب الحداد
فقلت له اتعظ بلسان حالي ... فإني قد نصحتك باجتهاد
وهاأنا كالخطيب وليس بدعاً ... على الخطباء أثواب السواد
ومعنى هذا أن الغراب لبس السواد لأنه وقف وقفة الخطيب، فهل يكون هذا التقليد رجعة إلى الأثواب الرهبانية، وكانت تحاك من الشعر الأسود؟
وعمن أخذ الرهبان لون السواد؟
أخذوه من رهبة الليل، فسواد الظلام يشيع في النفس معاني الانقباض والاستيحاش. ومن