للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رأي جديد في:]

حماد الراوية

للأستاذ السيد يعقوب بكر

- ٥ -

٥ - رأينا في مدى انتحال حماد

لنسبق المقدمات إلى النتائج، ولنُدْلِ برأينا الذي انتهينا إليه بعد البحث الطويل، لنعود فنؤيده بما سنؤيده به من الأدلة والبراهين.

هذا الرأي هو أن حماداً لم يبلغ من الانتحال ذلك المدى الذي تصفه لنا كتب القدماء. ليس من شك في أنه انتحل بعض الأشعار، وكان في هذا متأثراً بحال الرواية في عصره، ولكنه لم يكن مشغوفاً بالانتحال عاكفاً عليه جاعلا له همّه وقصده.

فأما تدليلنا على صحة هذا الرأي، فإنما نجعله قسمين: قسما نأتي فيه بأدلة عقلية ونقلية، وقسما نمحص فيه ما ذكرنا من تلك الأقوال والأخبار التي أوردها القدماء في صدد انتحال حماد.

القسم الأول

(١) يقول القدماء إن حماداً كان شاعراً، وإنه كان شاعراً مجيداً؛ وإنه كان يصنع الأشعار، ويدسّها على الجاهليين، فتختلط بأشعارهم، ويصعب التمييز بين هذه وتلك. ونحن نرى أنه كان شاعراً، فقد قرأنا له طائفة من الأشعار؛ ولكننا لا نرى أنه كان شاعراً مجيداً، فإن أشعاره تميل إلى الغثاثة والركة؛ ولا نرى أنه يبلغ من جودة القول ما بلغه شعراء الجاهلية حتى تختلط أشعاره بأشعارهم.

يقول البغدادي (خزانة الأدب جـ٤ ص ١٣١): (وكتب حماد إلى بعض رؤساء الأشراف:

إنّ لي حاجةً فرأيُك فيها؟ ... لك نفسي فدًى من الأوصاب

وهي ليست مما يبلغها غير ... ي ولا يستطيعها في كتاب

غير أني أقولها حين ألق ... اك رويداً أُسرّها في حجاب

فكتب إليه الرجل: اكتب إلي بحاجتك، ولا تشهرني في شعرك. فكتب إليه حماد:

<<  <  ج:
ص:  >  >>