إنني عاشق لجبتك الدكناء عش ... قاً قد حال دون الشراب
فأكسنيها فدتك نفسي وأهلي ... أتباهى بها على الأصحاب
ولك الله والأمانة أن أجعل ... ها عُمْرَها أمير ثيابي)
هذه صورة لشعر حماد يصفه القدماء بالجودة، ويرفعونه إلى طبقة الشعر الجاهلي. فهل ترى أن مثل هذا الشعر يتسامى إلى ما قاله قيس بن الحدادية في مديح أسد بن كُرْز، وزعم البعض أنه من صنع حماد؟
لا تعذليني سَلْمَ اليوَم وانتظري ... أن يجمع اللهُ شملا طالما افترقا
إن شتت الدهر شملا بين جيرتكم ... فطال في نعمة يا سلم ما اتفقا
لا يُجبرُ الناسُ شيئاً هاضه أسدٌ ... يوماً ولا يرتقون الدهر ما فتقا
كم من ثناءٍ عظيم قد تداركه ... وقد تفاقمَ فيه الأمرُ وانخرقا
(٢) قدّمت في الفصل السابق أنه لم يصح عن حماد وضع في المعلقات، وهي أهم ما رواه. فإذا كانت المعلقات قد سلمت من وضعه وانتحاله، فلماذا لم يسلم سائر ما رواه؟ ولماذا لم ينتحل حماد المعلقات، وهو المشغوف بالانتحال العاكف عليه الجاعل له همّه وقصده؟
(٣) يقول أبو عمرو الشيباني، فيما رواه أبو الفرج (جـ٥ ص١٦٥): (ما سألت أبا عمرو بن العلاء قط عن حماد الراوية إلا قدّمه على نفسه، ولا سألت حماداً عن أبي عمرو إلا قدّمه على نفسه). فما رأيك في رجل هذا رأي أبن العلاء فيه؟ وابن العلاء راوية ثقة، وأجد القراء السبعة. مرّ الحسن به وحلقته متوافرة والناس عكوف عليه، فقال: لا إله إلا الله، لقد كادت العلماء أنّ يكونوا أرباباً، كل عزّ لم يؤكَّد بعلم فإلى ذُلْ يؤول. ما رأيك في رجل يقدمه ابن العلاء على نفسه؟ وهل تظن أن أبا عمروَ بن العلاء ممن يرتضون تقديم رجل منتحل كاذب بالغ في الانتحال والكذب؟